خاص – فكر حر: “قَسَم “الجمهورية القوية”

حجم الخط

الطريقة التي وصل بها العماد جوزيف عون إلى موقع الرئاسة، من خارج المساومات والتسويات المعتادة، تسمح له من حيث المبدأ أن ينقل نظام “الدولة بثلاثة رؤوس” أو ما يُعرف بـ”الترويكا” الذي نشأ مع الطائف، إلى نظامٍ برأسٍ واحد، باعتبار أن الموازين النيابية والسياسية التي سمحت للرئيس جوزيف عون ببلوغ هذا الموقع بتلك الطريقة أساساً، تُتيح له بقوة الدفع ذاتها أن يفرض نمطه ورؤيته ومشروعه على السلطة التنفيذية وعلى العهد ككل.

في النظام البرلماني، كما هو عليه النظام اللبناني نظرياً منذ الطائف، تكون الحكومة هي السلطة التنفيذية من دون أن يشترك رئيس الجمهورية في هذه السلطة، وتصبح الأمور أشدّ صعوبة على هذا الرئيس بمجرد أن يكون وصوله إلى موقعه رهنٌ باستحصاله على ثلثي أعضاء البرلمان، مثلما يُشدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ذلك في كل مرّة، ممّا يُحتّم عليه عقد تسوياتٍ في كل الاتجاهات لتأمين هذا الوصول بالأساس، وهو ما يُقيّد عمل رئيس الجمهورية ويجعله مكبَّلاً بجملةٍ من الالتزامات لصالح تنامي دور رئيسَي الحكومة ومجلس النواب.

لذلك، شكّل شرط استحصال رئيس الجمهورية مسبقاً على تأييد ثلثي أعضاء مجلس النواب عاملاً يُعيق وصول أي رئيسٍ طرف يسعى لتطبيق الصلاحيات الرئاسية، من خارج الممر الإلزامي للثنائي الشيعي وتكبيله بشروط الثنائي المسبقة طيلة عهده الرئاسي، وهذا ما يحول دون تمكّن الرئيس من إعادة النظام اللبناني إلى نظام الرأس الواحد كما كان عليه في الجمهورية الأولى، مُكرّساً تحولّه إلى نظام الترويكا أو نظام الثلاثة رؤوس، وهو ما يُبقي سلاح المحاصصة والمحسوبيات السابقة مصلتاً على عنق كل عهدٍ رئاسي، حتى قبل أن يبدأ، ويُعيق بالتالي أي اصلاحاتٍ جذرية قد يشرع بها رئيس الجمهورية لإنجاح عهده، خصوصاً إذا كان ركنا الترويكا الآخرين، أي رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، غير متحمسّين أصلاً لهكذا إصلاحات.

انتخاب العماد جوزيف عون بالطريقة التي تمّ بها، وضع الثنائي أمام حائطٍ مسدود، فالتعهد الذي أعطاه الرئيس برّي للخماسية ولهوكشتاين بتسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي كشرطٍ إلزامي لوقف إطلاق النار في لبنان، ومسارعة الكتل الأخرى للتوافق على العماد جوزيف عون بما يزيد عن العدد المطلوب قانوناً في الدورة الثانية للانتخاب أي 65 صوتاً وما فوق، ألزم الثنائي بالتصويت للعماد عون في تلك الدورة الثانية، لأن بديلهم الوحيد عن ذلك كان بتعطيل النصاب والظهور أمام الرأي العام اللبناني والعالمي بمظهر المعرقلين لانتخاب الرئيس، بما لذلك من تداعيات سلبية على موضوع وقف إطلاق النار ومساعدات الإعمار للضاحية والبقاع والجنوب، إذ إن افتتاح الرئيس بري للدورة الثانية مع استحصال العماد جوزيف عون على نفس نسبة الأصوات التي حصل عليها في الدورة الأولى أي 71 صوتاً، كان سيفرض إعلان فوزه بالانتخابات ولو بعدد أصواتٍ تقلُّ عن الثلثين، وعندها كان الثنائي سيطلع من المولد بلا حمص، وجلّ ما يمكنه القيام به هو الطعن في دستورية الانتخاب أمام القضاء، وعندها قد يخلق الله لهم ما لا يعلمون.

لهذه الأسباب كلها، يُشكّل فوز العماد جوزيف عون بالرئاسة متحرّراً من كل أثقال المساومات والتسويات والشروط المسبقة، فرصةً ذهبية له لوضع تعهداته في خطاب القسم موضع التنفيذ الفعلي والذي هو نسخة طبق الأصل عن مشروع تكتل الجمهورية القوية، وعندها يكون وصوله إلى هذا الموقع كوصول الدكتور سمير جعجع أو أي مرشحٍ سيادي حقيقي آخر، وهذا ما يريده القواتيون واللبنانيون ويتمنوه، لأننا بالنهاية نريد أكل العنب والوصول إلى الجمهورية القوية وتحقيق المشروع الوطني السيادي بخطوطه العريضة، وليس مجرد إيصال شخص بعينه إلى هذا الموقع، لو مهما بلغ هذا الشخص من أهمية ورمزية بالنسبة لنا ولقضيتنا.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل