لقد تمّ.. منذ أن توقفت عقارب ساعة القصر الجمهوري في 1 تشرين الثاني من العام 2022 عندما أقفل الرئيس السابق ميشال عون باب القصر خلفه مخلّفاً شغوراً رئاسياً مزمناً، وتاركاً وطناً مثقلاً بالأزمات والخلافات السياسية والاقتصادية، شرّع أبواب الجمهورية نحو جهنَم ورحل.
فالرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية تأخر ليصل، لكنه وصل يوم أمس ليحطّ في بعبدا على وقع مرحلة جديدة فتحت أبواب الأمل لعودة الجمهورية الفعلية.
99 صوتاً كانت كافية لتقول إن عهداً جديداً للبنان الجديد قد بدأ، ولتعلن أن جوزيف عون بات رئيساً للجمهورية اللبنانية في الدورة الثانية، بعدما أصرّ “الثنائي الشيعي” على إيجاد تخريجة تحفظ له ماء الوجه، فاستؤنفت الدورة الثانية بعد ساعتين تحت ذريعة التشاور، ليتم انتخاب عون رئيساً.
في قراءة لخطاب الرئيس المنتخب من مجلس النواب، وصفته مصادر سياسية بارزة بالسيادي، ويعيد الأمل ببناء لبنان الجديد في هذه المرحلة الجديدة التي نقلت لبنان من مكان إلى آخر، وهذا المكان حُكماً سيكون أفضل للبنان من كافة العهود السابقة التي رزحت تحت وطأة السلاح غير الشرعي.
تتابع المصادر قراءتها عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “من الإصلاح القضائي، إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي ووعود تبعث الأمل، أتى الخطاب مطمئناً ومثقلاً بتعهدات طال انتظارها وينتظرها لبنان منذ سنوات طوال. لم يغب عن بال الرئيس المنتخب أي تفصيل، فهو قرأ التغيرات جيداً، ويدرك هموم الجمهورية وهواجس الشعب اللبناني، والأهم، يدرك تماماً أن المرحلة الجديدة تتطلب تنفيذ قرار وقف إطلاق النار والقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701 بكامل مندرجاته، وإعادة علاقات لبنان بالدول العربية والغربية، واستعادة الثقة بهذا الوطن بعد معاناة طويلة”.
تشير المصادر إلى أن الأهم، عدم تضمن الخطاب أي معادلات خشبية، وأتى خالياً من ذكر كلمة المقاومة التي كانت موجودة في كافة خطابات الرؤساء السابقين، بل على العكس، شدّد الرئيس المنتخب في خطاب القسم على حق الدولة باحتكار السلاح، بيد الدولة فقط، وقال لا للبؤر الأمنية، ولا للفساد والمافيات، ولا للمخدرات، وأوضح أن في لبنان أزمة حكم وحكّام. بالتالي، الخطاب ممتاز، وأمام الرئيس الجديد معركة لا تقل شأناً عن معركة فجر الجرود التي خاضها عندما كان قائداً للجيش.
على وقع الجلسة الانتخابية التي لم تخلُ من الإشكالات والكلام النابي، بدت وجوه نواب الممانعة شاحبة، فهي المرة الأولى التي لم يتمكنوا فيها من فرض مرشحهم للرئاسة، فوجدو أنفسهم أمام معادلة جديدة وصفحة جديدة طوت صفحات المنظومة التي أوصلت لبنان إلى الانهيار والحروب العبثية، ودمّرت لبنان، وأضعفت اقتصاده، وعطّلت حياته السياسية، وأبعدته عن محيطه العربي والدولي.
مصادر مطلعة على مجريات الجلسة، تعتبر أن عملية هضم المرحلة الجديدة لدى نواب الممانعة لم تكن سهلة، لكنهم أدركوا حجم الواقع الجديد الذي وصلوا إليه نتيجة تعرضهم لنكسات كبيرة أتت نتيجة زرعهم السيّئ على مدى سنوات من الممارسات السيئة غير الدستورية، فاقترع بعضهم بالورقة البيضاء في الدورة الأولى، وكأنهم تائهون عمّا يريده لبنان في هذه المرحلة.
تضيف المصادر عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “ما أتى على لسان النائب محمد رعد لم يكن سهلاً، ووقع التغيير الحاصل ما بعد مرحلة الحرب، أتى ثقيلاً على نواب “الحزب”، فقاموا بإيجاد مخرج لائق لهم قبل الدخول إلى البرلمان للمرة الثانية والتصويت لمصلحة جوزيف عون”.
وفقاً للمصادر، صحيح أن الرئيس المنتخب نال 99 صوتاً، لكن الأهم كان تلك الأصوات الـ71، التي لها دلالة واضحة على الأكثرية الجديدة التي تشكلت خلف الرئيس جوزيف عون والتي سيكون لها ثقلها بالمراحل القادمة، وستشكل مظلة تحمي العهد الجديد من أي محاولات لإفشاله، وستكون سداً منيعاً في وجه العرقلة.
تتابع المصادر: “أما التيار الوطني الحر، فلجأ نوابه إلى البكاء على الأطلال، وتقدموا بمطالعات دستورية خالفوها مراراً وتكراراً في العهود السابقة، وخلال ممارساتهم في الرئاسة وفي الحكومات السابقة، لكن المضحك والمخجل كان تصويتهم بعبارة سيادة ودستور”، من أين لهم هذا؟، ففاقد الشيء لا يعطيه. من خالف الدستور وعطّل الاستحقاقات وعطّل تشكيل الحكومات ضارباً عرض الحائط الدستور والقوانين، لا يحق له الحديث عن الدستور، ومن أبرم اتفاقاً مع السلاح غير الشرعي وشكّل شرعية له، لا يحق له الحديث عن السيادة”.