في خضم التوترات الإقليمية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، تبرز المواجهة المستمرة بين إسرائيل وإيران كأحد أهم المحاور الجيوسياسية التي تحظى بتركيز دولي واسع. تتشابك المصالح الأمنية الإسرائيلية مع التحديات النووية الإيرانية، مما يُفضي إلى احتمالات متزايدة لتصعيد عسكري مباشر. أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، عقد اجتماعًا مع مستشاريه ووزراء حكومته الأمنية لمناقشة مدى جاهزية الجيش الإسرائيلي لاحتمال شنّ هجوم ثالث على إيران.
ووفقًا لموقع “Jewish News Syndicate”، فقد تناول الاجتماع أيضًا السياسة الأميركية الأكثر هجوما تجاه إيران، والتي يُتوقَّع أن تتبناها إدارة ترامب مع بداية فترتها القادمة.
أوضح التقرير أن الاجتماع جاء في ظل مخاوف الحكومة الإيرانية من هجوم إسرائيلي مباشر على مواقع استراتيجية لها في المستقبل القريب.
دعم أميركي محتمل لهجوم إسرائيلي
في وقت سابق، ذكر موقع “أكسيوس” نقلًا عن مصادره أن رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، خرج من اجتماع عُقد في 10 تشرين الثاني 2024 مع دونالد ترامب، بانطباع أن الرئيس المنتخب للولايات المتحدة سيدعم هجومًا جويًا إسرائيليًا على المنشآت النووية الإيرانية، أو قد يُرتِّب بنفسه لهجوم أميركي.
في 6 كانون الثاني 2025، رفض ترامب الرد على سؤال من الصحافيين حول احتمال شنّ هجوم عسكري أميركي على إيران، قائلًا: “هذه استراتيجية عسكرية، ولن أجيب عن سؤال حول استراتيجيتنا العسكرية. فقط شخص أحمق يمكنه فعل ذلك”.
مخاوف إيرانية من هجوم إسرائيلي
سبق أن ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، في كانون الأول 2024، أن إيران تخشى هجومًا مباشرًا من إسرائيل على مواقع استراتيجية لها. وترى أن وقف إطلاق النار مع “الحزب” تمَّ لتمكين الجيش الإسرائيلي من التركيز مباشرة على إيران.
أضاف موقع “Jewish News Syndicate” أن التصريحات المتضاربة للمسؤولين الإيرانيين بشأن استراتيجيتهم في المفاوضات الدبلوماسية تُظهر حالة من عدم الوضوح حول ما إذا كان ضعف موقف طهران بعد سقوط نظام الأسد في سوريا سيدفعها إلى خفض التوترات من خلال التفاوض، أو إلى تسريع مساعيها لبناء قنبلة نووية.
رغم بعض التصريحات الإيرانية الداعية للتفاوض، أشار مسؤولون أميركيون إلى وجود دعوات داخل إيران لتكثيف البرنامج النووي.
حذر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، في كانون الأول الماضي من أن هناك أصواتًا في إيران تطالب علنًا ببناء قنبلة نووية.
قال سوليفان للصحافيين: “إذا كنتم مكان إيران، ورأيتم أن قدراتكم التقليدية تضاءلت، وقواتكم الوكيلة أُضعفت، ونظام الأسد قد انهار، فمن غير المفاجئ أن تكون هناك أصوات تقول: ربما حان الوقت لمتابعة السلاح النووي”.
من جانبه، علق جون فيترمن، السيناتور الديمقراطي الأميركي، على تصريحات بهروز إثباتي، أحد قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، الذي وصف سقوط نظام الأسد بأنه “ضربة كبيرة لطهران”، قائلًا على منصة “إكس”: “هذه التصريحات تُظهر أن إيران أصبحت غير قادرة بشكل كبير على حماية أو تعزيز أهدافها الإقليمية”.
أضاف فيترمن: “يجب تدمير ما تبقى من البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وأنا أدعم بشكل كامل الجهود المبذولة لتحقيق ذلك”.
دعوات داخل إسرائيل لشنّ هجوم ثالث
ذكر موقع “Ynet” أن شخصيات بارزة في إسرائيل تدعو إلى شنّ هجوم جديد على إيران. ومن بين هذه الشخصيات، ديفيد بارنياع، رئيس “الموساد”، الذي دعا إلى “قطع رأس الأفعى”، أي إيران، ردًا على هجمات الحوثيين على إسرائيل.
كما أعرب بيني غانتس، زعيم حزب “الوحدة الوطنية” المعارض عن دعمه لهذه الدعوات، قائلًا يوم 23 ديسمبر 2024 لموقع “Jewish News Syndicate”: “يجب على إسرائيل استخدام جميع الوسائل الضرورية للدفاع عن نفسها ضد تهديد طهران”.
الهجمات السابقة على إيران
كانت إسرائيل قد شنت هجومين على إيران هذا العام، الأول في نيسان والثاني في تشرين الأول، وكلاهما كان ردًا على هجمات إيرانية.
وفقًا للتقارير الإسرائيلية، كان الهجوم الثاني أكثر تدميرًا من الأول، حيث استهدف 20 موقعًا دفاعيًا وصاروخيًا في إيران، ودمر أنظمة الدفاع الجوي من طراز “S-300” الروسية.
في أعقاب الهجوم الثاني، نقلت شبكة “Fox News” عن آموس هوكشتاين، مستشار إدارة بايدن، قوله إن “إيران أصبحت مكشوفة عمليًا” وأصبحت أكثر ضعفًا أمام أي هجمات مستقبلية.