لن يعرقل تمنُّع “الثنائي الشيعي” عن المشاركة في الاستشارات النيابية غير الملزمة لتشكيل الحكومة، والتي بدأها الرئيس المكلف نواف سلام أمس الأربعاء وتُختتم اليوم الخميس، سيل العصر الجديد الذي دخل فيه لبنان، المفعم بآمال كبيرة، مع انتخاب الرئيس جوزيف عون وتكليف سلام بتشكيل حكومة العهد الأولى. لن يطول الوقت لتبصر الحكومة الأولى في عهد الرئيس عون النور، ولا مكان ولا صحة ولا مصداقية لسردية “الثنائي الشيعي” عن خداع أو كمين أو انقلاب تعرّض له بتكليف سلام تشكيل الحكومة، لإقصائه. فمن غير الجائز اعتبار إرادة النواب المنتخبين من الشعب باختيار فلان أو غيره لتشكيل الحكومة، من ضمن عملية ديمقراطية بامتياز، انقلاباً أو خديعة أو كميناً، بل يجب احترام الأصول واللعبة الديمقراطية والخضوع لأحكام الدستور الضامن والحامي لكل اللبنانيين، لا أكثر ولا أقل.
لا شك أن حكومة العهد الأولى ستُشكَّل بطريقة تعكس التغيير الكبير الذي حصل في لبنان بعد التطورات المعروفة، وكل من الرئيس جوزيف عون والرئيس المكلف نواف سلام يؤكد أن لا إقصاء لأحد في لبنان الجديد، الذي يطمح إليه اللبنانيون بعد طول انتظار والذي هلَّت بشائره مع انتخاب الرئيس عون. لكن في الوقت نفسه، يجب على الجميع، “الثنائي الشيعي” وغيره، أن يعلم بأنه لا مكان للممارسات السابقة في العهد الجديد، فالمطروح اليوم هو إعادة بناء الدولة على أسس جديدة بالتعاون بين الجميع تحت سقف الدستور والقانون، والجميع مدعوون للمساهمة في هذا المجال ولبنان بحاجة إلى جميع أبنائه. إنما في الوقت ذاته أيضاً، على الجميع، خصوصاً “الثنائي الشيعي” تحديداً، أن يعيد قراءة المرحلة السابقة والانخراط في مسيرة لبنان الجديد، فالشروط والفرض والهيمنة مسائل باتت من الماضي ولم يعد لها مكان اليوم، ومن واجب الجميع المساهمة في هذه المسيرة وملاقاتها وعدم وضع العصي في دواليبها.
المحلل السياسي أسعد بشارة يرى، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “من الواضح أن التشكيلة الحكومية ستكون تشكيلة بداية نجاح العهد، ونجاح ما يمكن أن نسمِّيه ثنائي الرئيس جوزيف عون والرئيس المكلف نواف سلام، معتمدةً على القواعد الآتية:
لن يكون هناك أي خضوع لأي قوة سياسية لتفرض إيقاعها أو ما تريد في داخل هذه الحكومة، فالتشكيلة الحكومية المنتظرة مسؤول عنها الرئيس المكلَّف بالتعاون مع رئيس الجمهورية. بالتالي، أي محاولة لأي طرف، لا سيما “ثنائي أمل والحزب”، لفرض شروطه، أو لفرض الأسماء التي يريد، أو لفرض الوزارات التي يريدها، لن تكون مقبولة.
التشكيل الحكومي عند رئيس الحكومة المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، ومعايير تشكيل الحكومة تمرّ حُكماً عبر أسماء تتحلّى بنظافة الكف والنزاهة والكفاءة، والقدرة على أن تعمل كفريق عمل منسجم ومتناغم ومتعاون.
المعيار الذي يتمسَّك به كل من الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام، هو عدم إقصاء أحد. هذا ما يُفرِّغ سردية “الثنائي الشيعي” الذي يدّعي أنه طُعن وغُدر ونُصبت له كمائن وأفخاخ، من أي مضمون، ويُظهره على أنه يريد أن يفرض السيطرة السابقة على الحكومة والسلطة التنفيذية، هذا الأمر لن يمر في العهد الجديد”.
بشارة يؤكد، أن “التركيبة الحكومية التي سوف تتشكل ستمثل الأطياف كافة، المكونات والمذاهب، من دون إقصاء أي أحد، لكن مروراً ومن خلال هذه القواعد والمعايير التي أشرنا إليها، تمهيداً لكي تكون الحكومة الأولى للعهد ولـ”ثنائي عون ـ سلام” منطلقاً لبداية عملية إصلاح كبيرة في الداخل، في الموضوع الاقتصادي ومحاربة الفساد وإنهاض إدارات الدولة، وفي المواضيع السيادية التأكيد على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها، وتنفيذ القرارات الدولية، وضمان الحدود البرية والبحرية والجوية، وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب بكامل مندرجاته، والانسحاب الإسرائيلي، وإعادة الإعمار”.