خاص ـ قاسم يرفع سقف الخطاب ليُخفي الخلافات داخل “الحزب” (أمين القصيفي)

حجم الخط

قاسم

موضوعياً، يصعب على الأمين العام الجديد لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم ملء مقعد سلفه السيد نصرالله، وربما من الظلم مقارنته بالسلف، لاعتبارات شخصية وظرفية موضوعية عدة. بل لعلّ من الصعوبة بمكان على أي قيادي من الباقين في “الحزب”، التنطح لهذه المهمة. من هنا، يصبح من السهل فهم طبيعة حالة الانسلاخ والانفصام والانكار التي يعيشها “الحزب” حالياً، وسط المتغيّرات الزلزالية الجيو سياسة الاستراتيجية في لبنان والمنطقة، ومن هنا أيضاً يمكن تفسير الخطاب الأخير للشيخ نعيم الذي لا يزال يتحدث عن “مقاومة” مستمرة وقوية وجاهزة”، وعن اتفاق وقف إطلاق نار “حصراً في جنوب الليطاني”، محذراً من “ألا تختبروا صبرنا”، وما شابه، فالضربة كبيرة والتغيّرات ضخمة إلى درجة تتطلب وقتاً للاستيعاب “والبلع”.

الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين، يوضح أن “كلام قاسم يتنافى مع ما وقَّع عليه “الحزب” الذي كان يدير المفاوضات مع الأميركيين والإسرائيليين عبر الرئيس بري، على أن لا سلاحاً شرعياً غير سلاح الدولة في لبنان، وأن لا وجود لشيء اسمه شمال الليطاني وجنوب الليطاني، باعتبار أن الجهة التي تفسِّر ذلك هي الإدارة الأميركية والفرنسية بدرجة أساسية من خلال لجنة المراقبة الخماسية، والطرفان الأميركي والفرنسي يعتبران، إلى جانب رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، أن لا سلاح شرعي في لبنان غير سلاح الدولة اللبنانية، وسمَّى قرار وقف إطلاق النار الأجهزة التي تحمل السلاح في لبنان بالأسماء وبالتحديد وبالتفصيل وصولاً إلى الشرطة البلدية”.

من هنا، يسأل الأمين عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “علامَ يتَّكل الشيخ نعيم في خطابه؟، هناك اتفاق وقَّعوه مع الرئيس بري واعتبروه انتصاراً، الشيخ نعيم يفسّر الاتفاق بأنه محصور جنوب الليطاني، لكنه قَبِل ووقَّع مع بري على اتفاق يعطي الحق بتفسيره للّجنة الخماسية التي تشكّلت وليس للشيخ نعيم، بالتالي هو ملزم بموجب توقيعه بالالتزام بتفسير اللجنة التي يرأسها أميركي”.

بهذا المعنى، يضيف الأمين: “كلام قاسم لا مستند قانوني له، لذلك هو يعكس في جانب منه إرباكاً في التعامل مع الواقع الجديد، فيحاول الإشارة إلى أننا لا نزال قادرين، وهو يخاطب في الوقت ذاته بيئة “الحزب” بأننا جاهزون ولا شيء تغيَّر، لكن في العمق كلام قاسم يعكس حالة إرباك داخل “الحزب” وكيف سيتعامل مع معطيات المرحلة المقبلة”، لافتاً إلى أنه “مع غياب السيد حسن نصرالله، يبدو أنه لم يعد هناك داخل “الحزب” رأس أو قيادي يأخذ القرار ويتبعه الجميع، فالمرجّح أن هناك نوعاً من التباينات داخل قيادة “الحزب” يعكسه كلام قاسم، إذ حين يكون هناك خلافات داخلية يطلّ الأمين العام بكلام عالي السقف للتغطية على الخلافات والتباينات الداخلية”.

الأمين يشدد، على أن “الحزب سلَّم بمعادلة وباتفاق مذلّ للبنان. هم أتوا بهذا الاتفاق المذلّ، ولا يستطيعون أن يقولوا اليوم بأنهم لا يسلِّمون به وبأنهم لم يوقِّعوا عليه، فالجميع يعلم أنهم في “الحزب” كانوا الطرف الأساسي خلفه وكلَّفوا الرئيس بري بأن يفاوض عنهم. بالتالي كلام قاسم يأتي في سياق رفع الأسقف والخطاب الكلامي، من قبيل “لا تختبروا صبرنا” وما شابه”.

في السياق ذاته، يشير الأمين إلى أن “إسرائيل قتلت، منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي ولغاية اليوم، حوالى 50 مقاتلاً من “الحزب”، ما عدا الجرحى”، لافتاً إلى أن “الحزب بسياساته أوصل الأمر إلى درجة أنه إذا أراد اليوم القيام بأي عمل عسكري، فإن مناصريه ومؤيِّديه هم من سيقوموا عليه قبل الإسرائيليين وقبل اللجنة الخماسية. بالتالي كل هذا التهديد الذي يطلقه قاسم، لا صدى له، حتى إمكانية أن يقوم بأي عملية عسكرية، “الحزب” لن يقوم بذلك لأنه يعلم جيداً الرد الإسرائيلي، وقبل الرد الإسرائيلي هو يدرك ماذا سيكون رد بيئته عليه، بسبب سقوط نظرية الردع واختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل”.

يتابع الأمين: “ما وصلنا إليه للأسف هو ربح إسرائيلي في هذه الحرب، لكن هذا الربح هو نتيجة سياسات “الحزب” التي لطالما نبَّهه الكثير من اللبنانيين إليها وبأن الدخول في حرب الإسناد هو كارثة على لبنان، ولم يستمع إلى هذه النصائح. نحن أصبحنا إلى حدٍّ كبير تحت رحمة إسرائيل بسبب سياسة “الحزب”، فهو الذي منح هذه الفرصة لإسرائيل وأعطاها هذه الأرجحية في الاتفاق الذي وقَّع عليه “الحزب” وسمح لإسرائيل بأن يكون لها اليد الطولى في لبنان”.

“هذا الأمر يجب أن يتحمَّل “الحزب” المسؤولية عنه، فهو المسؤول عمّا آل إليه الوضع والاختلال بالتوازن السياسي الذي حصل بيننا وبين إسرائيل. كنا في وضع أفضل بكثير قبل هذه الحرب، الآن نحن في وضع سيِّئ، ونخاف أن يصبح أسوأ. “الحزب” أوصل الوضع اللبناني إلى وضع كارثي، بالتالي، هذا الوضع الذي أوصلنا إليه يتطلب أن يخفِّف من مزايداته على سائر اللبنانيين”، يختم الأمين.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل