ترامب في البيت الأبيض للمرة الثانية.. أجندة داخلية وخارجية وشطب اتفاقات السلف

حجم الخط

الولايات المتحدةالولايات المتحدةالولايات المتحدةالولايات المتحدةالولايات المتحدة

بعد محاولتي اغتيال فاشلتين وانتصار كاسح بما فيه فوزه في كل الولايات المتأرجحة في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ساعدت حالة الطقس وتساقط الثلوج عشية حفل التنصيب والبرد القارس، في إنجاز عملية التنصيب الثاني للرئيس دونالد ترامب ليكون الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، بسلاسة بعد نقلها إلى داخل مبنى الكونغرس وليس في الجناح الغربي الخارجي من المبنى، وبعد إجراءات أمنية مشددة سبقت حفل التنصيب وشارك فيها إضافة إلى كل الأجهزة الأمنية المختصة، نحو ستة الاف عنصر من الحرس الوطني جرى نشرهم في العاصمة واشنطن من أجل ضمان الأمن قبل وخلال الحفل.

عملية التنصيب بين رئيس منتهية ولايته جرت وسط خسارة حزبه الشاملة في الانتخابات ليس في البيت الأبيض، بل في الكونغرس بمجلسيه، وبين رئيس يدخل البيت الأبيض للمرة الثانية ليس لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، إنما إلى أجندة واعدة وتنفيذ وعده بجعل أميركا عظيمة مرة جديدة. ولكن كدليل على احترام الدستور والمؤسسات وعلى الرغم من الخلافات الحادة في البرامج السياسية الداخلية والخارجية، شارك رؤساء ديمقراطيون في حفل التنصيب إضافة إلى الرئيس السابق جو بايدن، وكان لافتًا حضور الرئيسين الديمقراطيين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون، الأمر الذي عكس ثبات ما يمكن وصفه بالدولة العميقة في أميركا على الانضباط المؤسسي بعيدًا من خطر الانقسامات الانشطارية كتلك التي حدثت بعد خسارة ترامب أمام بايدن في الانتخابات الماضية وأعمال الشغب التي جرت عبر اقتحام الكونغرس واضطرار الجيش (الحرس الوطني) للتدخل حماية للدستور والدولة العميقة معًا.

وهكذا فإن أنظار الداخل الأميركي المثقل بالضغوطات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، والعالم الخارجي المثقل بالأزمات والتحديات بدءا بالشرق الأوسط، مرورًا بأوروبا ووصولًا إلى أقصى الشرق مع روسيا والصين، تتجه لمعرفة كيفية تعامل إدارة ترامب خلال السنوات الأربع من عهده بكل هذه الملفات التي تطرّق إليها خلال حملته الرئاسية، ووعد بتنفيذ سياسات جديدة في ظل إدارة توصف بأنها من الصقور ومن المخلصين للرئيس ترامب على عكس عهده الأول الذي شهد تباينا بينه وبين أعضاء إدارته دفعه في كثير من الأحيان إلى تغيير شخصيات كان اختارها هو ولكنها عارضت سياساته علنًا وفي السر. ويبقى السؤال الأساسي هل يستطيع ترامب مواجهة الدولة العميقة فينفذ انقلابات في الداخل والخارج على حد سواء، أم أنه سيحافظ على الخطوط التي ترسمها هذه الدولة وإن اختلف معها في الأسلوب وطرق التنفيذ.

لافتًا كان البيان الرسمي الأول الذي أصدره البيت الأبيض مباشرة بعد حفل التنصيب وأداء قسم اليمين، وقبل دخوله إلى مكتبه البيضاوي، إذ حدد فيه أولويات الرئيس على الصعيد الداخلي والتي شملت الموضوعات التالية:

ـ اتخاذ إجراءات جريئة لتأمين الحدود مع المكسيك وحماية المجتمعات الأميركية، ويشمل ذلك إنهاء سياسات بايدن في التوقيف والإفراج، وإعادة العمل بسياسة البقاء في المكسيك، وبناء الجدار، وإنهاء اللجوء لعابري الحدود غير الشرعيين، واتخاذ إجراءات صارمة ضد الملاذات الآمنة للمجرمين، وتعزيز فحص الأجانب.

ـ تتضمن عملية الترحيل التي يقوم بها الرئيس ترامب معالجة عبور الحدود القياسي للمجرمين الأجانب في ظل الإدارة السابقة.

ـ تعليق إعادة توطين اللاجئين، بعد أن أُجبرت المجتمعات على إيواء أعداد كبيرة وغير مستدامة من المهاجرين، مما أدى إلى إجهاد سلامة المجتمع وموارده.

ـ مشاركة القوات المسلحة، بما في ذلك الحرس الوطني، في أمن الحدود، وهو الأمن الوطني، ونشرها على الحدود لمساعدة أفراد إنفاذ القانون الحاليين.

ـ بدء عملية تصنيف العصابات أي الكارتلات، بما في ذلك ترين دي أراغوا الخطيرة، كمنظمات إرهابية أجنبية واستخدام قانون أعداء الأجانب لإزالتها.

ـ فرض وزارة العدل عقوبة الإعدام كعقوبة مناسبة للجرائم الشنيعة ضد الإنسانية، بما في ذلك أولئك الذين يقتلون ضباط إنفاذ القانون والمهاجرين غير الشرعيين الذين يشوّهون ويقتلون الأميركيين.

 

سياسة ترامب الخارجية

بعد فوزه الكبير بمنصب الرئاسة للمرة الثانية وعد الرئيس ترامب بنهج جديد في التعامل مع العالم. وكما كان الحال في العام 2017، كان ترامب ينتقد بشدة السياسة الخارجية لسلفه ويتعهّد باختلافات كبيرة في الأولويات والأسلوب. ويجمع المراقبون على أن ترامب سيقوم بتغييرات كبيرة بعد إدارة الرئيس جو بايدن التي استمرت أربعة أعوام. فقد التزم بايدن بقوة بدعم أوكرانيا، والدفاع عن تايوان عسكريًا، والوفاء بالتزامات الولايات المتحدة بشأن تغيّر المناخ، والتركيز في السياسة الخارجية الأميركية على هدف الديمقراطية، وأكد فوائد تحالفات الولايات المتحدة والتهديدات التي تشكّلها الصين وغيرها من القوى الرجعية على النظام العالمي. ومن ناحية أخرى، يشكك ترامب في الحاجة إلى مواصلة مساعدة أوكرانيا، ويرفض الالتزام بحماية تايوان، ويقلّل من أهمية تغيّر المناخ ومن أولوية تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما يصوّر حلفاء الولايات المتحدة على أنهم يستفيدون من الحماية الأميركية مجانًا، ويؤكد أن لا توازن في العجز التجاري مع دول مثل الصين أكثر من أي مخاطر نظامية قد تشكّلها هذه الدول. ولكن البارز أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين موحّدون حول أبرز التحديات الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة، حيث إن تركيز إدارة ترامب في الخارج سيكون على الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، وإيران. وقد صوّت مجلس الشيوخ الأميركي على تأكيد تعيين ماركو روبيو وزيرًا للخارجية، وهو أول مسؤول رفيع المستوى في مجلس الوزراء في الإدارة الجديدة يتم الموافقة عليه من قبل المجلس. وقد تم التصويت على التأكيد بعد ساعات فقط من أداء ترامب اليمين الدستورية كرئيس. وكانت نتيجة التصويت بأغلبية ساحقة من الحزبين أي تسعة وتسعين صوتًا من أعضاء مجلس الشيوخ وغياب أي صوت معارض لترشيحه

 

أزمة الشرق الأوسط واحتمالات إستئناف

جهود التطبيع

أظهرت الأحداث الأخيرة التي يشهدها الشرق الأوسط تغييرات كبيرة، ولكن ذلك لا يعني أن كل شيء ممكن الحدوث. فقد شهد الشرق الأوسط الذي سيرثه ترامب من إدارة بايدن سلسلة تحولات وتغييرات دراماتيكية على مدار العام الماضي، حيث هاجمت إيران وإسرائيل أراضي بعضهما البعض بشكل مباشر، وطغت إسرائيل عسكريًا على حماس و”الحزب”، وسقط النظام السوري أحد أهم حلفاء إيران، في غضون أسابيع بعد قضاء نصف قرن في السلطة. وعليه سوف تعتمد سياسة ترامب في المرتبة الأولى على توازن القوى المتقلّب في الشرق الأوسط، والذي أصبح أكثر تقلّبًا مما كان عليه منذ عقود من الزمن. وإثر فشل إدارة بايدن على مدى أكثر من خمسة عشر شهرًا في التوصل إلى وقف للحرب في غزة، فإن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هدد فيه بفتح أبواب الجحيم إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن بحلول يوم تنصيبه، حيث بدا من ملامح هذا الخطاب التهديدي أنه يعيد إعادة تشكيل الشرق الأوسط. فقد كان له تأثير في الضغط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق هدنة مع “الحزب” في لبنان في نوفمبر الماضي. وسيساهم الاتفاق في غزة ولبنان في تقليل حدة القتال في المنطقة، ويُعيد ضبط السياسة الداخلية الإسرائيلية. كما سيعزز من سلطة ونفوذ ترامب لدى الدول العربية التي ساهمت في الوساطة. وعليه يتوقع أن يتخذ ترامب قرارات حاسمة بشأن السياسات التي يجب اتباعها في منطقة شهدت تحولات جذرية منذ ولايته الأولى. حيث إنه خلال ولايته السابقة، ضغط من أجل إبرام اتفاقات أبراهام» لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، كما صاغ خطة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين والتي لم تأخذ طريقها إلى التنفيذ. لكن ولايته الثانية تحمل أسئلة أكثر تعقيدًا، مثل من ينبغي أن يحكم أنقاض غزة بعد الحرب. كما أن التوصل إلى اتفاق شامل مع السعودية من شأنه أن يساهم في تشكيل مجموعة أقوى من دول الشرق الأوسط المعادية لإيران، ما يُسهّل على الولايات المتحدة وحلفائها احتواء إيران وإضعافها. ويعتبر المراقبون أن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، قد يبحث في ما يبدو تطبيع العلاقات المطروح مع إسرائيل كما يسعى لعلاقات أفضل وأوثق مع الولايات المتحدة، التي عرضت عليه معاهدة دفاعية رسمية وتعاونًا نوويًا.

وهناك عامل آخر قد يسهّل إقامة علاقة دبلوماسية بين إسرائيل والسعودية وتشدد عليه الرياض، يتمثل في الحصول على التزام إسرائيلي موثوق بشأن إقامة الدولة الفلسطينية. كما أن الوضع في غزة لا يزال شديد التعقيد على الرغم مما أظهرته الهدنة من ديناميكية جديدة مع ضغط ترامب على نتانياهو. فقد خسرت حماس قيادتها العليا وآلاف المقاتلين خلال الحرب، لكنها لا تزال قادرة على تجنيد مقاتلين جُدد. ومع تدمير البنية التحتية في غزة، من المتوقع أن تستغرق إعادة الإعمار حتى عام 2040. وستعتمد الغالبية العظمى من السكان على المساعدات الخارجية، لكن القليل من المانحين الغربيين أو العرب سيكونون مستعدين للعمل مع حكومة تحت قيادة حماس. وفي ضوء هذه التطورات فإنه قد تكون أمام ترامب فرصة لإعادة تشكيل هذه المنطقة بطرق من شأنها أن تعزز السلام والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين وجميع شعوب المنطقة، فضلًا عن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة. ويشير عدد من المحللين إلى أن مصلحة ترامب ستكون عبر إشراك إسرائيل والمملكة العربية السعودية في تحالف بقيادة الولايات المتحدة مع الشركاء العرب الآخرين، وهذا سيتطلب من إسرائيل فتح محادثات حول حل الدولتين مع السلطة الفلسطينية. ويعتبرون أن السياسة الأميركية لا بد وأن تتلخص في ضمان تنفيذ المراحل الثلاث لاتفاق وقف إطلاق النار القائم حاليًا، ثم متابعة ذلك بعملية دبلوماسية حقيقية من أجل التوصل إلى تسوية أوسع نطاقًا. وسوف يضمن هذا النهج التوقيع على اتفاق أمني أميركي سعودي إسرائيلي فلسطيني.

في لبنان يُتوقع أن تستأنف إدارة ترامب ما بدأته إدارة بايدن لجهة دعم المرحلة الجديدة التي بدأها لبنان مع انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية، وفي ضوء ما اعتبرته من تراجع كبير في نفوذ “الحزب” وسيطرته الأمر الذي شكّل الدافع من أجل تعزيز مؤسسات الدولة وبسط سيطرة القوى الشرعية على كامل الأراضي ونزع السلاح غير الشرعي بما فيه سلاح “الحزب”، ومن ثم عرض المساعدات الاقتصادية على لبنان للتعافي والمساعدات العسكرية لتعزيز جيشه. وفي سوريا، يتوقع مراقبون أن تسلك إدارة ترامب نهجًا يبتعد عن التورط المباشر مع بقاء مصلحتها الدائمة في محاربة التنظيمات الإرهابية، وارتياحها الكامل لسقوط نظام بشار الأسد. ويقترح البعض تشكيل نوع من مجموعة الاتصال مع تركيا والأردن والعراق وإسرائيل كمحرك للمساعدة في ترسيخ حكومة ائتلافية هناك تحقق التوازن بين الإسلاميين الذين أطاحوا بنظام بشار الأسد القاتل والأغلبية السورية العلمانية المتعددة الطوائف. وهكذا يبدو أن إدارة ترامب ستحاذر القيام بأي تدخل أميركي مباشر في المشهد السوري الجديد بعد السقوط المريع للأسد، حيث إن ترامب يعتمد سياسة تقليص المشاركة الأميركية على الصعيد الدولي، وفي المنطقة خاصة، وهو ما عبّر عنه ترامب شخصيًا فور سقوط الأسد لجهة قوله بعدم وجود مصلحة أميركية فيما يجري في سوريا، وأنها ليست معركتنا ولا ينبغي التدخل.

 

ملف إيران وكيفية تعامل إدارة ترامب

يجمع المراقبون على أن التقدم النووي الذي أحرزته إيران مؤخرًا يضع الرئيس دونالد ترامب أمام قرار حاسم ينبغي له اتخاذه في الأشهر الأولى من ولايته الثانية، إما محاولة تحييد التهديد من خلال المفاوضات والضغوط، أو الأمر بتوجيه ضربة عسكرية. وقد دفع قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أُبرم في عهد أوباما طهران إلى تسريع برنامجها النووي، حتى أصبحت الآن دولة تقف على العتبة النووية. ويخطط ترامب ومستشاروه للعودة سريعًا إلى حملة الضغوط القصوى التي مارسوها ضد إيران بين عامي 2018 و2020. ويُقرّ العديد من مستشاري ترامب سرًا بأن برنامج إيران النووي قد وصل الآن إلى مرحلة متقدمة لدرجة أن تلك الاستراتيجية قد لا تكون فعّالة، وهذا يجعل الخيار العسكري احتمالًا حقيقيًا. ويتوقع أن يسعى ترامب للتوصل إلى اتفاق قبل التفكير في توجيه ضربة عسكرية. وستكون أمامه خيارات أقل لاحتواء برنامج إيران أو تدميره مقارنة بما واجهه في عام 2017، ومهلة زمنية أقل لاتخاذ القرار.

لا شك أن المخاطرة كبيرة، والقرارات التي سيجري اتخاذها سوف تخلّف آثارًا كبرى ليس فقط على الشرق الأوسط، بل وأيضًا على بقية العالم، بما في ذلك أسواق الطاقة. وبالنسبة الى الولايات المتحدة، سوف يساعد هذا القرار في تحديد المدى الذي قد تتمكن به أخيرًا من تحقيق التحوّل الذي طالت مناقشته وتحويل الموارد العسكرية بعيدًا عن الشرق الأوسط نحو أولويات أخرى، وأهمها ردع عدوان الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وفي المقابل لا بد من الإشارة إلى أن عام 2024 والذي بدأ كعام صمود وقوة لإيران، إلا أنه انتهى بانهيار النظام الحاكم لأحد أقوى حلفائها حيث انهار نظام الدكتاتور بشار الأسد في سوريا، وفقدت حماس و”الحزب” قدراتهما العسكرية والعديد من قيادتهما، بينما ضعفت جماعة الحوثي في اليمن، وتعرّضت الميليشيات الشيعية في العراق لتضييق الخناق عليها، وهكذا يلوح في الأفق استئناف إدارة ترامب حملة الضغط القُصوى. من هنا فإن هذا الوضع قد يمثل فرصة غير مسبوقة لإدارة ترامب لدفع النظام الإيراني الذي لطالما عرقل خطط واشنطن في غرب آسيا نحو حافة الانهيار.

 

الحرب في أوكرانيا، العلاقة مع الحلف الأطلسي وتحدي الصين

وعليه ستركز السياسة الرسمية للإدارة الجديدة جهدها في محاولة إنهاء الحرب التي بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على قاعدة أن القادة في كل من كييف وموسكو سيحتاجون إلى تقديم تنازلات، لا سيما وأن أميركا تعتبر أن روسيا جرّت حلفاءها وشركاءها إلى الحرب، بالاعتماد على كوريا الشمالية للحصول على القوات والأسلحة، وإيران للحصول على الأسلحة والتدريب، والصين لإعادة بناء القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية. ويجدر التنويه إلى أن وزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو يدعم التحالفات الأميركية، على الرغم من هجمات ترامب المستمرة عليها. وتشير المعلومات إلى أن موقف ترامب قد يتراوح بين الإعلان أن الولايات المتحدة قد لا تدافع عن حلفاء الناتو الذين لا يدفعون حصتهم، أو أنه سيهدد بشكل جدي بالانسحاب من الحلف.  وفي شأن التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية، تشير المعلومات إلى أنه بدلًا من السعي إلى إنهاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية من خلال مؤتمرات القمة رفيعة المستوى أو التهديد باستخدام القوة، كما فعل في ولايته الأولى، فقد يعتمد ترامب على الردع والاحتواء تمامًا كما فعل رؤساء آخرون.  ومن المرجح أن يسعى ترامب، مثل أوباما وبايدن، إلى إعطاء الأولوية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في السياسة الخارجية الأميركية وسيواجه تحديات، كما فعلا، في القيام بذلك.

وهكذا فإن فريق الرئيس ترامب يدرك مدى حقيقة إمكانية إنهاء الحرب في أوكرانيا التي دامت ثلاث سنوات تقريبًا، ويعترفون في الوقت ذاته بأن حل حرب روسيا وأوكرانيا من المرجح أن يستغرق عدة أشهر إن لم يكن فترة أطول. ومع ذلك، تظل الاستراتيجية لتحقيق مثل هذا الاتفاق التاريخي كما هي إلى حد كبير. وقد اقترح ترامب أنه سيستخدم التهديد بالعقوبات والمساعدة العسكرية أو عدم وجودها لإجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، كما بدا مستعدًا للخضوع لبعض مطالب موسكو، بما في ذلك خسارة بعض الأراضي الأوكرانية ومنع كييف من عضوية حلف الناتو. وترجح المعلومات بأن روسيا قد تقبل اتفاقًا يرفع العقوبات عنها ويمكنها من الاحتفاظ بالسيطرة على معظم دونباس وشبه جزيرة القرم مع تحرير بقية أوكرانيا ما إذا كان الرضوخ التام دومًا هو هدف موسكو في الحرب. وأثناء المفاوضات بشأن التسوية، قد تطالب ليس فقط بالسيطرة التامة على خمس الأراضي الأوكرانية التي احتلتها، ولكن أيضًا بالسيطرة غير المباشرة على باقي الأراضي. وإذا فعلت ذلك، فسيتعين على الولايات المتحدة وأوروبا الاختيار بين قبول هذه الشروط وهو ما يعني الهزيمة أو مواصلة دعم أوكرانيا في الصمود ضد الهجمات الروسية. وإذا تمسكت روسيا بشروطها وكانت إدارة ترامب غير راغبة في قبول مثل هذه التنازلات، فقد يجد البيت الأبيض نفسه متمسكًا بسياسة إدارة بايدن تجاه أوكرانيا لفترة أطول بكثير مما يتوقعه. وهذه النتيجة هي الأكثر ترجيحًا.

وعلى هذا الأساس فإن الخيار الذي يختاره ترامب في النهاية سيكون له تأثير كبير على سوق النفط العالمي. ويتوقع بعض المحللين مزيدًا من الارتفاعات، مما سيؤدي إلى زيادة تكاليف الوقود عالميًا. وقد صرح ترامب بنفسه، بأن اجتماعًا مع بوتين قيد الإعداد، مما يرفع إحتمالية إجراء مفاوضات على المدى القريب لإنهاء الحرب.

 

لقطات على هامش حفل التنصيب

أدى نقل حفل التنصيب إلى الداخل إلى جعل شوارع واشنطن خالية من الحشود أكثر مما كان متوقعًا.

لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، شارك زعماء أجانب في واحدة من أكثر التقاليد السياسية الأميركية وهي حفل تنصيب الرئيس، فقد دعا الرئيس ترامب الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى حفل التنصيب. وشارك رئيس باراغواي سانتياغو بينيا، في حفل أقامه الأميركيون من أصل إسباني عشية مراسم التنصيب.

حضر الرؤساء السابقون باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج بوش الابن، مراسم التنصيب.

جرى منح الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا وليس فقط إيلون ماسك مقاعد بارزة بين المسؤولين وخلف ترامب في قاعة الكابيتول الأميركية. وقد جلس رؤساء تيسلا وغوغل وفيسبوك وأمازون بشكل بارز أمام وزراء الدفاع والأمن الداخلي والعدل.

انفجرت هيلاري كلينتون ضاحكة عندما تعهد ترامب بإعادة تسمية خليج المكسيك باسم خليج أميركا.

ارتدت ميلانيا ترامب قبعة على شكل قارب حجبت وجهها إلى حد كبير.

لم يضع ترامب يده على الكتاب المقدس أثناء أداء اليمين الدستورية، لكن هذا العرف ليس مطلوبًا.

 

ترامب يبدأ ولايته الثانية بسلسلة أوامر تنفيذية

في البداية تجدر الإشارة إلى أن الأمر التنفيذي يصدره الرئيس بشكل فردي، وله قوة القانون.

وبمجرد أن يوقع الرئيس أمرا تنفيذيا، يمكن أن يدخل حيز التنفيذ فورا أو بعد أشهر، اعتمادا على ما إذا كان يتطلب إجراء رسميا من وكالة فدرالية.

لكن من المتوقع أن يواجه ترامب طعونا على عدد من الأوامر التنفيذية أمام المحكمة، مما قد يشكل عائقا يبطئ أو يوقف تماما تنفيذها.

جلس الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تنصيبه بوقت قصير، إلى مكتبه في البيت الأبيض، وأمامه عدد كبير من الأوامر التنفيذية التي وقعها، معلنا بداية عهده بمسار مختلف تماما عن سلفه جو بايدن.

وقّع ترامب سلسة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات، تتعلق بالهجرة والعفو الجنائي ومجتمع الميم والانسحاب من اتفاقيات دولية والتراجع عن قرارات سابقة لبايدن.

في أول إجراء تنفيذي لترامب، ألغى 78 إجراءً تنفيذيًا نفذتها إدارة بايدن، من بينها إجراءات تعزيز المساواة العرقية ومكافحة التمييز بين الجنسين وتعبئة الاستجابة الفدرالية لجائحة كورونا.

ألغى عقوبات فرضت على مستوطنين إسرائيليين متهمين بالعنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو القرار الذي رحب به وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، إيتمار بن غفير، سريعا بعد إعلانه.

إلغاء ما لا يقل عن 12 أمرًا تدعم المساواة العرقية ومكافحة التمييز ضد مجتمع الميم.

 

إنهاء حق منح الجنسية بالولادة

أصدر أمرًا تنفيذيًا يلغي حق الجنسية الأميركية بالولادة لأطفال المهاجرين الموجودين على أراضي الولايات المتحدة بشكل قانوني. ويكشف نص الأمر التنفيذي أنه، حتى لو كانت الأم موجودة بشكل قانوني في الولايات المتحدة، فلن يُمنح طفلها الجنسية الأميركية (إذا كان وجودها قانونيا لكن بشكل موقت). وينطبق الأمر على من يحملن إعفاء من التأشيرة أو تأشيرات سياحية أو طلابية، ما لم يكن الأب مواطنا أميركيا أو حاملا للبطاقة الخضراء.

 

العفو عن مقتحمي الكونغرس

إصدار العفو عن نحو 1500 شخص من مقتحمي مبنى الكونغرس في 6 من كانون الثاني 2021، في أعقاب خسارته الانتخابات حينها ضد بايدن.

التوقيع على أوامر تنفيذية فرض بموجبها حالة طوارئ وطنية على الحدود الأميركية المكسيكية. وتصنف هذه الأوامر، العصابات الإجرامية منظمات إرهابية. وجاء في نص أمر ترامب بشأن المهاجرين أن الولايات المتحدة تفتقر إلى القدرة على استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين.

توقيع أمر تنفيذي يسمح بتأخير حظر تطبيق تيك توك لمدة 75 يوما، بعدما كان من المقرر إغلاقه في 19 يناير.

تجميد الإجراءات التنظيمية والتوظيف.

التوقيع على أوامر بتجميد التوظيف الحكومي واللوائح الفدرالية الجديدة، بالإضافة إلى أمر يلزم العاملين الفدراليين بالعودة التامة إلى العمل بنظام الحضور الشخصي. تجبر هذه الخطوة أعدادا كبيرة من موظفي الحكومة على التخلي عن ترتيبات العمل عن بُعد، في تحوّل عن اتجاه بدأ في المراحل المبكرة من جائحة كوفيد-19.

التوقيع على أمر تنفيذي يوجه الولايات المتحدة للانسحاب من منظمة الصحة العالمية، التي طالما انتقدها في السابق بسبب معارضته طريقة استجابتها لوباء كوفيد.

التوقيع على أمر تنفيذي يقضي بالانسحاب من معاهدة باريس للمناخ، ثم بعث برسالة إلى الأمم المتحدة تشرح أسباب الانسحاب.

التحقيق بأنشطة الحكومة الفدرالية.

التوقيع على وثيقة لإنهاء ما وصفه بأنه تسليح الحكومة أي استغلال مواردها ضد المعارضين السياسيين.

الطاقة. أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية للطاقة، ووعد بملء الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط وتصدير الطاقة الأميركية في جميع أنحاء العالم. ووضع خطة شاملة لتعظيم إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، بما في ذلك إعلان حالة طوارئ وطنية للطاقة وإزالة اللوائح التنظيمية الزائدة، وانسحاب الولايات المتحدة من ميثاق دولي لمكافحة تغير المناخ.

 

“المسيرة” – واشنطن – تقرير خاص ـ العدد 1761

إقرأ أيضًا

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل