قبل الثقة: إعلان الطوارئ مُمكن

حجم الخط

صحيفة نداء الوطن – سعيد مالك

ما تعرّض له لبنان منذ أيّامٍ خَلَتْ، من قطع طرقات واعتداءات على الأملاك العامة والخاصة، شكّل تعرُّضاً للأمن والنظام العام. وانعكس تخوّفاً من انفلات الشارع وتسيّبه.

تمكّن الجيش اللبناني وبتعليماتٍ مُشدّدة، من إعادة ضبط الأوضاع، ومنع الانزلاق إلى الأسوأ. ولكن ماذا لو تكرّرت هذه الأفعال وتفاقمت؟ لا سيّما وأن المؤشّرات تدّل على ذلك.

 

صحيح أنّ الحكومة المُشكّلة ما زالت تُصرّف الأعمال “بالمعنى الضيّق” بانتظار نَيلها الثِقة من المجلس النيابي. لكن الصحيح أيضاً أن عبارة “المعنى الضيّق” لا يجوز أن تُشكّل عائقاً أمام الحكومة، عندما تجد نفسها مُضطّرةً لمواجهة أحداث خطيرة. فأوضاع البلاد هي التي تُحدّد حجم التدابير التي ينبغي على الحكومة اتّخاذها، ولو أنّها تخرج بطبيعتها عن نِطاق الأعمال الجارية العادية. فللضرورة أحكام، ولا يُمكِن للحكومة ولو لم تكُن بعد قد نالت الثِقة، أن تتملّص من القيام بما يُمليه عليها الواجب الوطني ومصلحة المواطنين. فالمصلحة الوطنية هي فوق كلّ اعتبار. والسُلطة التنفيذية لا يحّق لها التقاعس عن إدارة شؤون البلاد، لا سيما إذا كانت الأحداث المتفاقمة قد باتت تُشكّل خطراً على مصالح البلاد والعباد.

 

قبل الطائف لم يكن هناك وجود نصّ صريح يفرض على الحكومة المثول أمام المجلس النيابي لِنَيل الثِقة، لكنّه دَرَجَت العادة ومنذ صدور الدستور عام/1926/ ومع أوّل حكومة جرى تشكيلها (حكومة أوغست أديب بتاريخ 31/5/1926) على أن تَمْثُل الحكومة بعد تعيينها بمدّة قصيرة أمام مجلس النواب لطلب الثِقة.

 

وبالتالي، (ومن دون حاجة إلى نصّ) كانت حكومات قبل الطائف تمثُل أمام مجلس النواب لنيل الثِقة. وكانت أيضاً تمتنع تلقائياً عن اتّخاذ أي تدابير أم قرارات مفصلية، إلّا بعد أن تمثُل أمام المجلس النيابي وتنال ثقته.

 

بتاريخ 25/4/1973 تألّفت حكومة الرئيس “أمين الحافظ” (نائب طرابلس) من قِبَل الرئيس سليمان فرنجيّة. ونشبت مطلع شهر أيار من نفس العام اشتباكات ضارية بين الجيش اللبناني والمُنظّمات الفلسطينية. وكانت حكومة الرئيس الحافظ لم تَمثُل بعد أمام المجلس النيابي لِنَيل الثِقة. ورغم ذلك، اتّخذت الحكومة وبتاريخ 7/5/1973 قراراً أعلنت فيه حال الطوارئ في البلاد، لوضع حدّ لهذه الاشتباكات حمايةً للمصلحة الوطنية العُليا.

 

مما يُفيد، أن حكومة الرئيس الحافظ تصدّت للأوضاع، واتّخذت قراراً شُجاعاً بإعلان حال الطوارئ في البلاد، قبل مثولها أمام المجلس النيابي ونَيل ثقته.

 

بالتالي، المطلوب اليوم من الحكومة المُشكّلة، وفي ما لو تفاقمت الأوضاع وتدهورت، وحتى قبل أن تنال الثِقة من مجلس النوّاب، واستناداً إلى قاعدة “للضرورة أحكام” وحمايةً لمصلحة المواطنين وأرزاقهم الإلتئام على الفَور، واتّخاذ القرار وبأكثرية الثلثين (سنداً لأحكام الفقرة “5” من نصّ المادة/65/ من الدستور) بإعلان حال الطوارئ سنداً للمرسوم الاشتراعي رقم 52/1967 في محيط مطار رفيق الحريري الدولي والطُرُق المؤدّية إليه، لمدّةٍ محدّدة. على أن تُمارس السلطات المختصّة الصلاحيات المنصوص عنها في المرسوم الاشتراعي رقم 52/1967. وعلى أن يتولّى الجيش اللبناني صلاحية المحافظة على الأمن، وتوضع تحت تصرّفه وبإمرته جميع القوى المُسلّحة.

 

مع التأكيد، أن الحكومة ليست مضطرّة لانتظار الثِقة من المجلس النيابي لاتخاذ هذا القرار. لأن الأمن لا ينتظر، وانفلات الأوضاع مُرجّح في أي وقت.

مع الإشارة، إلى أنه يقتضي على مجلس النواب أن يجتمع للنظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية أيام، وإن لم يكن في دور انعقاد، سنداً للمادة الثانية من أحكام المرسوم 52/1967.

 

مع الإصرار، على أن الحكومة وإن لم تواجه هذه التجاوزات بحزم وشدّة، ستفقد هيبتها وحضورها. وستسمح لأي مُكوّن بعدها الاستقواء على الدولة، وفرض شروطه عليها.

المصدر:
نداء الوطن

خبر عاجل