“الحزب” هزيمة تنتظر استكمال المهمة

حجم الخط

صحيفة نداء الوطن – أحمد الأيوبي

 

وصل “الحزب” إلى القعر ولم يعد قادراً حتى على الثرثرة السياسيّة المؤثِّرة، وبينما لا يزال الخطاب العام يعترف به كياناً سياسياً، فإنّ أركانه العسكرية قد سقطت من القواعد ويجري تفكيك بُنيته العسكرية في ما يشبه تقطيع الأوصال بعد الاستسلام، وهو في الأصل تنظيم عسكري له جناح سياسي، فإذا فَقَدَ العسكر أصبح السياسيّ فيه مختلّ التوازن، وخسر مشروعه الذي قام على أساسه ولم يعد يمتلك القدرة على الاستمرار، خاصة أنّه بات محاصَراً وخسر شرايين الإمداد عبر سوريا وانهزم مولياً من الشام وانكسر مذلولاً أمام السطوة الإسرائيلية التي اجتثّت قواه وحطّمت كبرياءه، فتفرّقت قيادته “أيدي سبأ” وبات مستحيلاً عليها الاجتماع من جديد.

 

إنّها الهزيمة المباشرة المكشوفة التي يحاول من تبقّى من قيادة “الحزب” تأجيل إعلانها والاعتراف بها، والحصول من الدولة على ما يحفظ ماء وجهها، ورغم تجاوب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مع هذا الاتجاه غير أنّ هذا لن يكفي لستر عورة الهزيمة النكراء التي مُني بها “الحزب” عسكرياً، وهذا ما سيصعِّب عليه البقاء سياسياً.

تفيد المعلومات المتوافرة بأنّ الجيش اللبناني استلم حتى الآن 198 مركزاً من أصل 256 مركزاً من مواقع “الحزب” جنوب الليطاني تعرّض الكثير منها للقصف وأصبحت خارج الخدمة عملياً، وهذا النوع من المواقع قام الجيش بتفجيره لأنّه يشكل خطراً حقيقياً على السلامة العامة.

 

يصادر الجيش ويحتفظ بكل الأسلحة الخفيفة وتلك التي ليس فيها أجهزة تحكّم، فغنم الجيش كميات ضخمة من صواريخ الكورنيت والكاتيوشا وفلق1 وفلق2، أما الأسلحة التي تحمل (رمز المهمة “MISSION CODE”) فهي تقع تحت سيطرة الجهة المصنِّعة ولا يمكن للجيش استخدامها، ومن الخطر والخطأ إبقاؤها، لذلك يجري تدميرها خشية أن تتحوّل إلى قنابل موقوتة في مواقع الجيش.

صادر الجيش أعداداً كبيرة جداً من الصواريخ الباليستية والمجنحة مثل “زلزال 1” الذي يبلغ وزنه 3 أطنان، و “زلزال2” وزنه ثلاثة أطنان ونصف الطن، وهي صواريخ شديدة التدمير بكميات ضخمة، بالإضافة إلى صواريخ “فادي 1” و “فادي 2″، والعجيب أنّه طيلة “حرب الإسناد” وما تلاها، لم يستخدم “الحزب” أيّاً من هذه الأسلحة التي كان يمكنها أن تدمِّر نصف تل أبيب أو ثلاثة أرباعها لو جرى استخدامها في المواجهة، واستخدم “فلق1” و “فلق2” و “شاهين”، وكان يمكن تأمين سلاح مضاد للطيران كون الجيش الإسرائيلي أكثر من استخدام طائرات “أف – 15” و “أف – 16” وهذا لم يحصل إلّا مرة واحدة من دون استخدام بقصد الإسقاط.

 

يكشف هذا المسار من الوقائع الثابتة ثلاث مسائل مهمّة:

– الأولى أنّ “الحزب” خزّن في لبنان مئة ألف صاروخ أو أكثر، وكان باستطاعته ضرب العمق الإسرائيلي بشكل مدمِّر كما كان باستطاعته تنفيذ تهديده لقبرص، ولكنّ كلّ هذا السلاح كان بالفعل سلاحاً إيرانياً بالكامل، وليس لقيادة “الحزب” أيّ هامش قرار في استخدامه، تقنياً وعملانياً.

– النقطة الثانية: أنّ “الحزب” كان مجرّد أداة لدى إيران وأنّه ليس لقيادته التاريخية والحالية أي قيمة عند الإيرانيين، والدليل أنّهم سمحوا بمرور اغتيال أمينيه العامين ومئات القيادات من الصف الأول من دون أن يحصل أي ردّ انتقامي ذي أثر.

– النقطة الثالثة: هي أنّ كلّ هذا التكديس للسلاح لم يستطع حماية قيادات “الحزب” ولا عناصره (مجزرة البيجر) وبالتأكيد ليس صالحاً لحماية لبنان.

جذور “الحزب” تُقتلع جنوب الليطاني وبدأ اقتلاعها بهدوء في الضاحية، والذين يرفعون أصواتهم ليسوا سوى المبعدين أمثال نواف الموسوي وغالب أبو زينب.

يبقى أنّ هناك جناحاً في “الحزب” ما زال يظنّ أنّ باستطاعته استكمال المسار العسكري، وهو يقف وراء محاولات التهريب للأسلحة عبر وسائل مختلفة، وهذا يدفع في الخلاصة إلى تأكيد النقاط الآتية:

– ضرورة استكمال سحب السلاح بالكامل جنوب الليطاني وشماله، وبدون ذلك لن يكون هناك إعمار ولا دعم دولي ولا عربي.

– ضرورة تأمين طريق مطار رفيق الحريري الدولي لتوفير سلامة العبور ووقف الانتهاكات، كما يحصل بإحراق لافتات “العهد الجديد” من قبل بيئة “الحزب” المعادية لكل من يخالفها.

– ضرورة تكيثف إجراءات التفتيش لمنع التهريب في مرفأي بيروت وطرابلس، وكسر الهيمنة التي يفرضها جهاز الجمارك بأدوات فاسدة تمنع تشغيل التقنيات اللازمة لضبط الممنوعات. وإذا صحّت الأنباء عن حصول تهريب في مرفأ بيروت، فهذا ما لا يمكن السكوت عليه إطلاقاً.

المصدر:
نداء الوطن

خبر عاجل