صحيفة النهار – علي حمادة
بداية، هذه زيارة مطلوبة أكثر من أي وقت مضى. والإسهام السعودي واضح وضوح الشمس، في تعبيد الطريق أمام بناء علاقات جديدة متينة وصحية بين لبنان وسوريا. فالبلدان يحظيان برعاية الرياض للخطى التي يخطوانها على أكثر من صعيد. وأمام البلدين جملة من الملفات يتعين العمل عليها بسرعة وبجدية. ومعالجة القضايا المشتركة تحتاج إلى قرار سياسي كبير في البلدين. ومن الواضح أن القرار متخذ على مستوى القيادتين.
في مقدم القضايا التي تحتاج إلى متابعة حثيثة، التحدي الأمني على الحدود، ولاسيما في البقاع والشمال، حيث يتداخل العمل الميليشيوي مع عمل العصابات العابرة للحدود. والمناطق الحدودية في محافظة بعلبك – الهرمل تعجّ بأفواج العصابات المسلحة التي تتحرك تحت راية الحزب المذكور. أمام لبنان مسؤوليات في ظل إصرار “الحزب” على الاحتفاظ بسلاحه شمال نهر الليطاني، وبالتالي فهو سلاح مهدد لاستقرار لبنان وسوريا في آن واحد. والحزب المذكور لا يزال يعمل على المستوى الأمني والعسكري على الحدود المشتركة. ولا ننسى دوره الأمني في الداخل اللبناني، بما يجعله مصدر تهديد حقيقي للغالبية العظمى من اللبنانيين. يحتاج لبنان إلى معالجة قضية الحدود وإسراع الخطى لنزع سلاح “حزب لله” ومنع إيران من استخدام الأراضي اللبنانية منصة لمحاولة اختراق الساحة السورية. ويحتاج السوريون إلى جهد أكبر من جهتهم للسيطرة على الحدود، لأن الخروق تحصل من الجهتين.
ملف آخر يحتاج إلى المعالجة هو ملف اللاجئين السوريين في لبنان الذين يتجاوز عددهم المليون ونصف المليون، وبات من الضروري وضع خطة لبنانية – سورية لإعادتهم إلى ديارهم. هؤلاء يستحقون مصيرا أفضل من حالهم اليوم في لبنان. ويحتاج المسؤولون السوريون إلى بذل جهد أكبر على هذا المستوى، فلبنان بلد صغير لا قدرة له على تحمل أعباء اللاجئين على أرضه.
الملف الثالث الذي نعتقد أنه يحتاج إلى مقاربة دقيقة هو وضع المطلوبين من مسؤولي النظام السوري السابق، السياسيين والأمنيين الذين يقيمون في لبنان في حمى “الحزب” ويحيكون المؤامرات ضد الحكم الجديد لمصلحة السياسة الإيرانية.
الملف الرابع يتعلق بودائع المواطنين السوريين في المصارف اللبنانية، ولاسيما إذا كانوا من مسؤولي النظام السابق السياسيين والأمنيين والعسكريين، وودائعهم هي ملك للشعب السوري. نحن نتحدث عن مليارات الدولارات المنهوبة من سوريا والتي يطالب بها الحكم الجديد، مثلما ستطالب الدول العربية بودائع رجال الأعمال العرب التي قد تهددها التشريعات الجديد التي أقرتها أو ستقرها الحكومة اللبنانية، وخصوصا إذا ما أدت إلى شطب قسم كبير منها.
استنتاجا، نعتقد أن الملف الأمني أهم من كل المشاريع التي سمعنا بها خلال زيارة الرئيس نواف سلام لدمشق. فالتجاوب لن يحصل قبل حل أزمة سلاح العدو المشترك لكل من الحكم السوري الجديد ومشروع الدولة اللبنانية. هنا بيت القصيد قبل الزيارة وبعدها.