لا تصدّقوا ميليشيا مشروعها حيّ يُرزق

حجم الخط

صحيفة نداء الوطن – ايلي محفوض

 

بالرغم من الضربات المتتالية التي أُنزلت بالميليشيا على كل الأصعدة البنيوية-العسكرية والمالية، ناهيك عن تصفية الرؤوس التي كانت تدير وتوجّه كافة العناصر العاملة على الأرض، وبرغم الإرادة الجامعة محلياً ودولياً حول ضرورة إنهاء المنظمة المسلحة المشغّلة إيرانياً تمويلًا وأجندات وأوامر، إلاّ هذه الجماعة تتحايل على المتغيرات وتلعب على عامل الوقت، على طريقة حافظ الأسد المتلاعب المحترف بمسألة تمرير الظروف لحين نضوج أخرى تتماشى مع مصالحه. وعلى هامش الدور والوظيفة التي أوجدتها الميليشيا لنفسها والتي تعتبرها وظيفة أقرب إلى الألوهية حيث التكليف من خارج الحدود والطبيعة البشرية، لذلك تتصرّف هذه الجماعة من منطلقات غير مقروءة وغير مفهومة لسائر اللبنانيين لدرجة أنها تعتبر وجودها يتخطى الزمان والمكان والظروف. من هنا يردّد قادة الميليشيا على مختلف رتبهم ومواقعهم، كما سائر المنظّرين بفلسفة المقاومة، أن سلاحهم باق ضرب ثلاثة ( باق، باق، باق).

 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ المشغّل الإيراني لم يأذن بعد لفرط عقد ذراعه المسلح في لبنان، وهو إن فعل مرغماً ونتيجة الضغط الدولي، فإنه حتماً سيترك جيوباً للزعزعة والخربطة في أوقات الحشرة، إن لزم الأمر، ناهيك عن رغبة جامحة وحاجة حيوية للميليشيا كمجموعة لبنانية تعتاش من خلال طفرة القوة المسلحة، تحسيناً لوضعيتها داخل السلطة اللبنانية، وأغلب الظنّ أن الدولة ببراءة تصدّق خبرية القناعة بتسليم السلاح، بالرغم من أن تسليم السلاح وحده لا يكفي، بل أقلّ الإيمان والبديهي، أن يصار إلى فرط عقد التنظيم الميليشيوي بكل متفرعاته، وهي متعددة الأوجه، أقلّها خطراً هو قنبلة معدّة للانفجار بأي لحظة.

 

لا تصدّقوا ميليشيا مشروعها حيّ يُرزق للأسباب التالية: جماعة استولت على مكتسبات باتت تعتبرها من حقوقها المقدسة، ولعلّ الإصرار على حقائب معينة ومديريات حساسة تأتي في هذا السياق، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الاستشراس لحيازة وزارة المال حتى لو كلّفها ذلك خوض سبعماية أيار وقمصان من كل الألوان. بقاء السلاح بيدها تمكين أكيد من تحصيل المكاسب وفرض الشروط والتعطيل، ومن خلال كل ذلك إخضاع القرار السياسي لرغبتهم من منطلقات استرداد الحقوق وقبض ثمن البطولات الوهمية التي خاضوها. لأن الفكرة الإيديولوجية-الدينية لا يمكن مناقشتها أو الحوار فيها، لكونها أفكاراً راديكالية ملزمة إلهياً، وعليه الحوار والنقاش والمشاورات بشأن الوضعية والأهداف والوجود لزوم ما لا يلزم.

 

الأهم أن هذا الفصيل المسلّح تعلّم من دروس الماضي، وأهم تلك الفصول تجربة المسيحيين عندما ارتضوا تسليم السلاح والانخراط في الطائف، فكان ما كان من تطورات أرخت بظلالها على وضعيتهم داخل السلطة. من هنا يرى هذا التنظيم المؤدلج أنه لن يقع في التجربة، وهو يسعى جاهداً، وسوف يسعى خلال الساعات والأيام القادمة، لخوض أكبر عملية تضليل ومراوغة، بهدف الإبقاء على أجسامه والمتفرعات ذات الصلة بالسلاح ومصادر المال، اعتقاداً منه أنه من دون السلاح سيعود إلى سقف الدستور والقانون وهو ما لا يرغب به على الإطلاق، لكونه وقع في تصنيف وجوده كمكوّن أكبر وأعلى وأهم من سائر اللبنانيين.​

المصدر:
نداء الوطن

خبر عاجل