اعلن عضو كتلة “القوات اللبنانية” النائب انطوان زهرا اننا “نعيش مرحلة تحول تاريخي لا يمكن لأحد إنكارها أو تقزيمها أو وضعها في خانة المؤامرة، ما يجري في المشرق العربي هو تحول شعبي مشروع وأصيل وإن تداخلت العوامل وحاول التكفيريون أو المتآمرون مصادرة نضال الشعوب لحرفها عن إتجاهاتها من أجل عدم تمكينها من الوصول الى النتيجة الحتمية المطلوبة مهما طال الزمت التحوّل نحو الشراكة الديمقراطية والحداثة .
واعتبر، في كلمة له خلال ندوة سياسية نظمتها “القوات اللبنانية” – البترون، ان هذا التحول هو بحجم ذلك الذي حصل نتيجة نشوء دولة إسرائيل في المنطقة العربية. يومها ضربت أنظمة ونشأت أنظمة كان عنوانها وشعارها محاربة الوجود الغريب لإسرائيل والغاصب في المنطقة وإعتمدت بالقمع لتبرير القمع ومصادرة الحقوق والحريات مقولة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة . وطبعاً لم يقم أي نظام في المعركة المطلوبة لا لتحرير فلسطين ولا لوقف جموح إسرائيل وإرهابها الذي طال كل شعوب المنطقة “.
وتابع زهرا: “اليوم هذه الشعوب، تتحرك بشكل يتراوح بين ثورة سلمية كثورة الياسمين في تونس، الى الثورة الليبية والمصرية التي جرها التيار بشدة نحو الإنحراف عن الهدف الديمقراطي ثم حصل تصحيح شعبي لهذه الثورة الى ردة فعل الشعب العراقي على الظلم الذي مورس في حقه عندما تصرفت حكومة نور المالكي وكأنها هي من ربح الحرب على صدام حسين وغير النظام إنتقامياً من الشعب العراقي خاصةً بنسخته السنية من الشعب العراقي، كل هذه الظروف الى تطييف الصراع في سوريا نتيجة التدخل المباشر لـ”حزب الله” والميليشيات الشيعية العراقية والحرس الثوري الإيراني .
وقال زهرا: إنطلقت الأحداث في سوريا سلمياً في آذار 2011 وبدأ الشعب السوري يواجه آلية قتل النظام في أيلول 2011، لم نشهد أي حركة متطرفة تكفيرية إسلامية تشارك في المواجهة في سوريا قبل العام 2013 ولم ينشأ تنظيم داعش ويحكم السيطرة على بعض المناطق في العراق ثم لاحقاً في سوريا ويحاول مصادرة كل الحراك الشعبي إلا في العام 2014. وبالتالي كل الساعين اليوم استجلبوا ردود الفعل المتطرفة وأوجدوا البيئة الخصبة والمناسبة للتكفير محاولتهم تصوير حربهم منذ اللحظة الأولى بأن الإستباقية ضد التكفير هي مضللة بإمتياز. للأسف هؤلاء التكفيريون يعطونهم يوماً بعد يوم بممارساتهم التي تنتمي الى ما قبل الجاهلية الى ما قبل كافة الأديان السماوية التي تحترم الإنسان وحرية الإنسان، يعطونهم التبرير لإستعمال كل طاقات المنطقة لدعم مشروعهم الذي حاول في لبنان خاصةً وفي سوريا والعراق إلباس كل المنتمين الى الطائفة السنية الكريمة لباس التكفير والتطرف وإحتضان الإرهاب وجعلهم تعميم صورة البيئة الحاضنة للتكفيريين”.
واردف قائلا: “نحن نعرف ان كل المرجعيات الدينية وكل المرجعيات السياسية الكبرى الى أهل السنة في لبنان والمنطقة، ما نعرفه نحن بمعلوماتنا ودراساتنا وإختبارنا وقد قلت يوماً من المجلس النيابي أي إسلام يدعي من يقتل أنفساً بغير نفس وليس نفساً واحدة ومن يقتل مسلمين بغير حق خاصةً في شهر رمضان المبارك ،أي إسلام يدعي هذا ؟ هذا ليس من الإسلام في شيء هذا إنسان كاره للآخر إستفاد من الأنظمة القمعية التي تركت مجالين للشعوب كي تتنفس، المدارس الدينية والرياضة المدنية. لم يسمح لشعوب المنطقة العربية طوال خمسة وستين عاماً أن تفكر. سمحوا بالمدارس الدينية لكي يؤكدوا شرعيتهم كسلطات تحمي المسلمين وسمحوا بالرياضة لتنفيس الإحتقان والغضب وصادروا الثروات والحريات . ردة الفعل الطبيعية على الأنظمة القمعية وعلى محاولة إضفاء صفة التكفير على كل المسلمين السنة أن يكون هناك نوع من قبول أحداً يواجه التخوينيين بالتكفيريين. ولكن ذلك لم يجعل من الإعتدال المسلم أولاً والمسلم السني بشكل خاص، علماً بأن ليس كل الشيعة يدينون بالولاء لنظرية الولي الفقيه ولا للدور الإيراني الفارسي في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وكما عندنا كذلك عند الشيعة ، أناس يؤمنون بالإنفتاح والعلاقة مع الآخر ووجود الآخر وضرورة التفاعل معه لدينا غالبية ساحقة من المسلمين السنة في لبنان وفي العالم العربي عليها يقع العبق الأول والأهم بإلغاء الفكر التكفيري ومنعه من تحقيق أهدافه. المعركة مع التكفير لا يمكن أن تكون إلا من أهلهم الأقربين، وعندما تحصل المعركة مع طوائف أخرى تصبح حرب طائفية أما عندما يواجهون بالفكر المنفتح والمعتدل والدول المعتدلة في العالم الإسلامي عندها يفقدون أي حجة وأي سند واي إمكانية لتحقيق أي هدف من أهدافهم بتفريق الناس ومصادرة حرياتهم والعودة بهم قرون الى الوراء . لذلك لبنان شئنا أم أبينا لم يسمح له من قبل حزب الله بتطبيق إعلان بعبدا لأنه بكل فخر أنه جزء من مشروع إقليمي أكبر من لبنان .”
واشار زهرا الى ان “هذا الإلتزام من “حزب الله” أرغم لبنان أن يتحمل تداعيات ما يجري في المنطقة خاصةً في سوريا . وإن كان هناك من يقول بأن بعض المتطرفين السنة الذي يتعاطفون مع الثورة السورية شاركوا في القتال في سوريا، ردنا عليهم واضح جداً في قوى 14 آذار و”القوات اللبنانية” وكل أحزاب قوى 14 آذار ، فمنذ سنوات ونحن نطالب بترسيم وتعيين الحدود وضبطها بالإتجاهيم ولم نغط يوماً أي مشارك في الحرب في سوريا . كنا كلما طلبنا من حزب الله العودة الى لبنان وعدم الانخراط في الحرب السورية كانوا يتذرعون بغيرهم ، وكنا نقول للدولة إمنعوهم وأدبوهم وإن لم ينفع الكلام فلديكم ذريعة وهي القرار 1701 الذي يجيز للحكومة الإستعانة بالقوات الدولية على الحدود اللبنانية السورية . للأسف من هم منخرطون للعضم في القتال في سوريا لا يوافقهم ضبط الحدود لأنه عندما تضبط بمشاركة دولية لا تعود مباحة أمامهم بالإتجاهين ولا يعود بإمكانهم توظيف كل الأجهزة الأمنية التي يهمها فعلاً أمن لبنان وتصبح شريكتهم بمكافحة أخصامهم فقط .”
وراى ان “تشريع الحدود اللبنانية على التداعيات يرتب علينا أولاً وبشكل أساسي الدعم المطلق والكامل لقوى الإعتدال في للبنان والعالم العربي . يرتب علينا سياسة رسمية لبنانية وبالإذن من معالي الوزير بأن لا نجعل من لبنان إضحوكة في المجتمع العربي والدولي . ونقول له لا تسمح لوزير خارجية لبنان ممثلاً السياسة الرسمية للدولة بالذهاب الى إجتماع ليقول فيه : “دولتي لا تستطيع أن تمون على كل مكوناتها وأتحفظ على بيان يرفض التدخل بشدة بالشؤون الدول العربية من قبل فريق لبناني” . إذا إبتليتم بالمعاصي فإستتروا ألم يكن بالإمكان حضور مندوب لبنان وحده ؟ وهنا أستغل المناسبة لأؤكد بإسم كل الأحرار في قوى “14 آذار” أن هذا لا يعبر عن سياسة الحكومة اللبنانية ولا الشعب اللبناني. تجاه إخوتنا دول الإعتدال والإستضافة والتضامن العربي مع لبنان والدولة اللبنانية والشعب اللبناني”.
وختم زهرا: “يبقى أن خيارنا لا يمكن أن يكون بعدة إتجاهات، نحن خيارنا محسوم، خيارنا أن يكون إتفاق الطائف المنعَش لتطبيقه في لبنان هو النموذج لكل أزمات دول المنطقة العربية وإلا التفتيت وحروب الى عشرات السنين. لا يمكن الوصول الى حل بأي دولة عربية تشهد الأزمة حالياً بوهم أن التغيير لن يحصل وأن الأنظمة ستستمر كما هي عليه ومن يفكر كذلك ويعلن ذلك هو ملتبس أو واهم. فحركة الشعوب لا يمكن أن تقمع ويعود كل شيء الى ما كان عليه. قد تتعثر أو تتأخر، قد تدفع تضحيات أكثر من غيرها ولكن ما من شعب في التاريخ تحرك وعاد الى الوراء لا بل وصل في النهاية الى أهدافه وقد تقتل الثورات أبناءها ولكن لا تترك ظالماً في مكانه. وهذا ردنا البسيط على من يدعي أنه ممثل الإله على الأرض ويدعي بأن إسقاط النظام قد بات وراءنا. ونحن نسأل هل لا يزال هناك نظاماً في سوريا ؟ فمن يحمي الشام ليس النظام بل الدعم الخارجي من ضباط إيرانيين وقوى من العراق ومن لبنان. التغيير آت حتماً الوسيلة الحيدة المضمونة لحقن الدماء حل سياسي يعترف بمكونات كل دولة في حقها في الشراكة على طريقة إتفاق الطائف الذي يجب أن نصونه برمش العين. هذا إتفاق وزمن تحكم فريق لفريق آخر إن كان طائفياً أو عرقياً أو غيره ضمن حدود دولة واحدة قد ولى الى غير رجعة ومن لم يتعظ بعد من التاريخ لا يمكنه أن يبني مستقبلاً، ولا يمكن أن يعيش الإستقرار والسلام والأمن والشراكة مع الآخر. ولا إمكانية لأحد أن يتحكم بأحد لا في لبنان ولا في دول المنطقة. فأحلام الهيمنة والسيطرة والديكتاتورية إنتهت والحل الوحيد هو النموذج اللبناني بدون غلبة فريق على فريق آخر والإعتراف بوجود هذا الآخر ودوره وبشراكة جميع مكونات كل دولة حتى نصل الى الغد المنشود “.