رصد فريق موقع “القوات”
فيما تربّع حقل “كاريش” على عرش المنصات اللبنانية والدولية وسط غضب شعبي عارم، استكمل “المطبخ التشريعي” انتخابات اللجان النيابية والاستحقاقات الدستورية، لعلّها تكون المدخل للبدء بمعالجة الأزمة التي تكاد تقضي على مقومات الصمود المتبقية للدولة والشعب. والى ذلك الحين، يبدو المشهد مبك، ووضع لبنان اليوم كمريض في غرفة الطوارئ على يد أطباء فوضويين.
وتدرس الدولة اللبنانية خياراتها في مواجهة الاستفزاز الإسرائيلي، وهي تنتظر الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، حتى تكتمل الصورة لديها، لكنّ الوقت لا يعمل لمصلحتها، علماً انها خسرت الكثير منه في مهاترات داخلية لا تُسمن ولا تغني من بئر، وتعوّل على “الاميركان” قبل فوات الأوان.
مصادر لـ”الجمهورية”، أوضحت انّ “سفينة انرجين باور اليونانية لم تدخل المنطقة المتنازع عليها وهي لا تزال على بعد ثلاثة اميال جنوب الخط 29 الى الجانب الإسرائيلي من المنطقة الاقتصادية، في خطوة وُصِفت بأنها تعبّر عن تريّث إسرائيل في القيام بأي عمل استفزازي انتظاراً لوصول هوكشتاين الى المنطقة نهاية الأسبوع الحالي”.
وأشارت مصادر” نداء الوطن” إلى أنّ “هوكشتاين، لا يبدو في وارد تأكيد زيارته لبنان قبل التأكد من أنه سيحصل على جواب خطي رسمي من الجانب اللبناني على الطرح الخطي الذي سبق أن حمله معه خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت”.
وتستمر لعبة التسويف والمماطلة في حسم الموقف الرسمي من خطوط الترسيم تحت وطأة المحاولات اليائسة لمقايضة حقوق اللبنانيين وثرواتهم الوطنية بمسألة رفع العقوبات الأميركية عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما أتاح للإسرائيليين بالمبادرة إلى استباحة المياه الإقليمية والتفرّد بعملية استخراج الغاز، الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى الهروب للأمام بخطوة “فولكلورية لا تقدم ولا تؤخر” في حفظ الحقوق، حين طلب من قيادة الجيش تزويده بالمعطيات الرسمية حول وصول الباخرة ليُبنى على الشيء مقتضاه، وفق “نداء الوطن”.
في السياق ذاته، اعتبر الرئيس السابق للوفد المفاوض العميد الركن المتقاعد ياسين، أن “الباخرة اليونانية تحتاج إلى نحو شهرين لإنجاز تجهيزاتها اللوجستية من أجل المباشرة في استخراج الغاز، وعلينا في لبنان ان نحاول خلال هذه الفترة منعها بكل الوسائل من بدء عملها حتى يظلّ الحقل منطقة متنازعاً عليها، والا إذا بوشر الحفر من دون أن نُحرّك ساكناً فإنّ اسرائيل ربحت المعركة واستولت على الحقل بقوة الأمر الواقع”. ولفتت الى أنّ “أفضل وأقوى رد على القرصنة الاسرائيلية لحقوقنا يتمثّل في توقيع المرسوم 6433 المتعلق بالخط 29 فوراً وإيداعه لدى الامم المتحدة، الأمر الذي من شأنه ان ينقل المعركة الى ميدان العدو ويُعيد خلط الأوراق لمصلحتنا”.
ونوّه ياسين الى انّ “إسرائيل في صدد فتح دورة تراخيص جديدة تشمل البلوك 72 المجاور للخط 29 وحقل قانا. وبالتالي، فإنّ التحدي الحقيقي يتجاوز حدود مشكلة كاريش المستجدة الى ما هو أبعد وأخطر، ووحده توقيع المرسوم المعلّق كفيل بحماية حقوقنا وبأن يوقِف شَعر الإسرائيليين”.
في المقلب اللبناني الاخر، تستمر “الدراسات” للاستحقاق الحكومي، إذ علمت «الجمهورية» انّ “الرئيس عون، يَعتزم توجيه الدعوة غداً او بعد غد الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديدة، على ان يكون موعد هذه الاستشارات الأسبوع المقبل، بعد إتمام مشاوراته التي يُجريها بعيداً عن الأضواء”.
وعلى صعيد هموم المواطنين، أوضحت الخبيرة في تمويل مشاريع الطاقة كارول عياط، الفرق الهائل بين التسعيرة الرسميّة لكهرباء لبنان وبين أسعار المولدات الخاصة يجب أن يكون جرس إنذار حقيقي لكل السياسيين الذين يعاندون تصحيح التعرفة وعودة التوازن إلى كهرباء لبنان لأسباب شعبوية”.
وأكدت لـ”نداء الوطن”، أن “المواطنين الملزمين تسديد هذا الفرق الباهظ لاستحالة العيش من دون كهرباء، يمكن تخفيف معاناتهم من خلال رفع التعرفة بنسب أقل بكثير من تعرفة المولدات مقابل زيادة ساعات التغذية. وخطورة الانهيار التام في كهرباء لبنان لا تقتصر على تحميل المواطنين أكلافاً باهظة، واضطرارهم للتضحية بالأساسيات المعيشية للمحافظة على حد أدنى من الكهرباء، إنما أيضاً ترتد سلباً على مؤسسات القطاع الخاص التي ارتفعت أكلاف الطاقة لديها إلى أكثر من 90%.
من جهة أخرى، يبدو أن أزمة الرغيف تقرع الأبواب مجدّداً، وستستفحل في الأيام المقبلة. فالمعطيات تشير الى انّ القمح المتوفر بالكاد يكفي 20 يوماً كحدّ أقصى، وهو يتناقص تدريجياً من المناطق. ولفت نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف، لـ”الجمهورية”، إلى انّ “القمح مفقود في بعض المطاحن، وبعضها يملك القمح الّا انّ مصرف لبنان لم يسدّد ثمنه المدعوم، لذا هو غير معروض للبيع، ولا يمكن للمطاحن ان تبيع مخزونها بسعر غير مدعوم نتيجة القرار الصادر عن وزير الاقتصاد موريس سليم”. وأكد أننا “متّجهون الى أزمة، فمصرف لبنان يسدّد ثمن القمح بالقطّارة، على الرغم من تخصيص مبلغ من صندوق النقد الدولي للبنان لشراء القمح، وهذا المبلغ شارف على الانتهاء، ويقدّر ما تبقّى منه بنحو 7 الى 8 ملايين دولار، بالكاد يكفي لتسديد ثمن القمح الموجود على الأراضي اللبنانية”.
اقرأ أيضاً عبر موقع “القوات”: