رصد فريق موقع “القوات”
لا تزال متاريس الاستحقاق الرئاسي قائمة، والتأهب خلفها سيد الموقف، فمحور الممانعة يعتمد السلوك ذاته الذي اعتمده لإيصال الرئيس السابق ميشال عون إلى بعبدا، فدفع اللبنانيون ثمن عهد أوصل لبنان إلى الانهيار. واليوم، يصر هذا المحور، على “إما فرنجية أو لا أحد”، وهذا يعني تكريساً لسياسة استمرار الانهيار والإجهاز على ما تبقى من أعمدة مترنحة لا تزال صامدة في وجه محور دمار المؤسسات.
وفي ظل انقطاع الأمل في الملف الرئاسي، اتجهت الأنظار نحو باريس، حيث عقد أمس الجمعة اجتماعٌ فرنسي ـ سعودي، شارك فيه عن الجانب الفرنسي مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل والسفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، وعن الجانب السعودي المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والسفير السعودي لدى بيروت وليد بخاري.
ففي الداخل، ثمة ترقّب لما قد تُنتجه هذه المحادثات خاصة أنها الأولى من نوعها غداة تبدّلٍ لافت في المشهد الاقليمي، تمثّل في اتفاقٍ سعودي ـ إيراني أبصر النور في الصين، منذ نحو أسبوع. والادقّ أن ثمة رهاناً لدى فريق 8 آذار بقيادة حزب الله، على أن تفرز المشاورات، موافقةً سعودية على دعم مرشّح “الممانعة” رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، مقابل تولّي نواف سلام رئاسة الحكومة، أي أن التعويل في الخندق الممانِع هو على أن ينعكس “اتفاق بكين”، مرونةً مِن قِبل الرياض، فتوافق على المقايضة هذه، والتي تطرحها باريس منذ أسابيع وتسوّق لها.
لكن بحسب ما تكشف مصادر دبلوماسية مطّلعة لموقع القوات اللبنانية الالكتروني، عن أن مَن ينتظر تبدّلاً كهذا، سينتظر طويلاً. ذلك أن الموقف السعودي على حاله، إذ تصر المملكة على أن الانتخابات شأنٌ لبناني صرف وهي لا تتدخّل فيه، لا لصالح هذا المرشح ولا لصالح ذاك، حتى أنها لا تدخل في لعبة الاسماء نهائياً، بل تعتبر أن على اللبنانيين الاتفاق في ما بينهم، على أن تُحدّد الرياض كيفية ومستوى التعاطي والتعاون مع “لبنان ـ الدولة”، في ضوء نموذج العمل، السياسي والسيادي والاصلاحي، الذي سيقدّمه القيّمون على إدارة البلاد في المرحلة المقبلة.
هذا ما أبلغه السعوديون للفرنسيين في المشاورات، تتابع المصادر، مُضافاً إلى تمسّكٍ بمندرجات البيان الاميركي ـ الفرنسي ـ السعودي الذي صدر من نيويورك منذ أشهر، وحمل تشديداً ثلاثياً على ضرورة احترام لبنان القراراتِ الدولية واتفاقَ الطائف وسياساتِ حسن الجوار، وحثّاً للبنانيين على التفاهم في ما بينهم لانتخاب رئيس للجمهورية، واستعجالاً للاصلاحات ولإبرام اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي…
ووفق المصادر، هذه النقاط التي ترسم المواصفات الأساسية للرئيس العتيد، هي التي لا تزال أولوية سعودية، أما ما تطرحه باريس من مقايضات، فلا تعني المملكة. لقراءة المقال اضغط على الرابط: خاص ـ اجتماع باريس: القديم على قدمه رئاسياً والأولوية للمساعدات الإنسانية
وبحسب مصادر الثنائي الشيعي لـ”اللواء”، فإن رسالة الأخير عبر الوسطاء للقاء باريس، تلخصت بموقف واضح، بحسم الامر، “فرنجية او لا احد”، على خلفية الموقف الذي اتخذه حزب الله عند ترشيح الرئيس السابق ميشال عون العام 2016.
وفي سياق متصل بالاتفاق السعودي ـ الإيراني، وتداعياته على لبنان والمنطقة، اشارت مصادر سياسية إلى أنه بعد الاتفاق وإعلان خطوطه العريضة في البيان الرسمي الصادر لا سيما ما يتعلق باحترام سيادة الدول وعدم التدخل بشؤونها الداخلية اصبح معلوما للجميع ان مرحلة التوتر والعداوات السائدة بالمنطقة في طريقها الى الزوال، اذا تم الالتزام بمضمون الاتفاقية الموقعة بين البلدين برعاية صينية.
ولا بد للأطراف اللبنانيين الأساسيين، ولا سيما حزب الله المرتبط بإيران، والأطراف الأخرى بالمعارضة من كل المكونات، الاخذ بالاعتبار هذا الحدث المهم، والاستفادة منه ، للتخفيف من حدة الخلافات القائمة والانطلاق نحو التفاهم وصياغة علاقات تقارب ولا تباعد بين الجميع والمباشرة الفعلية بحل الازمة الضاغطة من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية بروح التفاهم التي ترضي الجميع وتتجاوز حال الخصومة والاستفزاز التي تحكم العلاقة بينهما، والتي أدت إلى الفراغ الرئاسي والخراب في مختلف مؤسسات الدولة اللبنانية واداراتها الرسمية.
لكن المشكلة من وجهة نظر المصادر السياسية ان كل الأطراف تعي أهمية الاتفاق السعودي الإيراني، وتأثيره ميدانيا وفي وقت لاحق على لبنان والدول التي كانت مسرحاً للتوتر والحروب والفتن الإيرانية بالمنطقة، هي ان كل طرف ينتظر ما سيقدم عليه الطرف الاخر، ما يدخل البلد في حال من الجمود السياسي، بالتزامن مع الاهتراء السياسي والاقتصادي الذي بلغ حداً، يتجاوز تحمل معظم اللبنانيين وقدراتهم.