رصد فريق موقع “القوات”
لا يزال لبنان يتربع على عرش الدول الأكثر تعاسة، تائهاً في ملف الرئاسة والأزمات الاقتصادية الحادة، والدولار كالمنشار يأكل الأسعار والشعب اللبناني لم يجد وسيلة لتجنب الانهيار حتى وصل الأمر بالبعض إلى اللجوء للانتحار هرباً من واقع فرضته منظومة البؤس الحاكمة التي تتغنى بانجازات وهمية بين فترة وأخرى.
ومن بوادر هذه التعاسة، سير لبنان على خطى فنزويلا، حيث لا قيمة للعملة الوطنية في ظل اتجاه البنك المركزي نحو الذهاب إلىطباعة عملة جديدة من فئة الـ500 ألف والمليون ليرة في اعتراف واضح بالتضخم.
وفي السياق، تترقب أوساط مالية استمرار مسلسل انهيار الليرة تحت وطأة انسداد الآفاق السياسية والإصلاحية على مختلف الصعد الرسمية والاقتصادية والمالية في الدولة.
وإذ أكدت “فقدان السيطرة على سعر صرف الدولار”، شددت الأوساط نفسها عبر “نداء الوطن” على أن ما نشهده راهناً هو انعدام القدرة على لجم حالة “التضخم المفرط” نتيجة ارتفاع الكتلة النقدية بالليرة وانعدام قيمتها السوقية على نسق ما حصل في فنزويلا حيث التداول بالعملة الفنزويلية كان يتم بـ”الشوالات”. وبالتالي بات السؤال “المركزي” اليوم يتمحور حول توقيت طباعة ورقة المليون ليرة لاستيعاب حجم التداول النقدي بالعملة الوطنية، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنّ الجلسة التشريعية التي دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري مكتب المجلس للانعقاد الاثنين المقبل لتحديد جدول أعمالها، ستطرح مسألة إقرار فئات جديدة من العملة الوطنية والتسريع بطباعة ورقتي الخمسمئة ألف ليرة والمليون ليرة، بعدما باشر حاكم المصرف المركزي رياض سلامة فعلياً الخطوات العملية واللوجستية في هذا الاتجاه.
وفي الملف الرئاسي التائه بين الأدراج الداخلية والخارجية، يتموضَع الحراك الفرنسي السعودي في اتجاه لبنان، وآخره الاجتماع الثنائي في القصر الرئاسي الفرنسي يوم الجمعة الماضي، الذي أُحيط بتكتم شديد على مجرياته. ووفق معلومات موثوق بها لـ”الجمهورية” من مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية، فإنّ جولة مشاورات جديدة قد تعقد بين الجانبين الفرنسي والسعودي وليس بالضرورة ان تكون في باريس.
واعتبرت المصادر أن جوهر الاجتماع هو مساعدة لبنان على تخطي أزمته، وتمكين اللبنانيين من إتمام الاستحقاقات الدستورية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والجانبان الفرنسي والسعودي يدركان الحاجة الماسّة للبنان بانتظام وضعه السياسي بانتخاب رئيس للجمهورية، والى نهضة اقتصادية مع تشكيل حكومة تباشر في الاصلاحات. ومن هنا فإنهما يُقاربان الصيَغ التي يمكن ان يتوافق حولها اللبنانيون لتحقيق هذا الهدف، والنقاش مستمر، وامر طبيعي جداً ان تكون لكل طرف وجهة نظره، وهو الامر الذي يحسمه النقاش ويبني حولها تقاطعات عليها، بما يحقق الغاية المرجوّة بمساعدة اللبنانيين.
من جهتها، أبلغت مصادر معارضة إلى “الجمهورية” قولها إنّ “حزب الله وحلفاءه يخيّرون اللبنانيين بين أمرين، امّا استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، وامّا انتخاب الرئيس الذي يختارونه، لإبقاء لبنان في دائرة العزلة، وفي الفلك الإيراني وعلى خط المواجهة مع كل العالم.
وأكدت المصادر رفضها لهذا المنحى الانقلابية الذي يقوده الحزب على إرادة الشعب اللبناني في التغيير، وانتخاب رئيس للجمهورية سيادي وتغييري يحفظ هوية لبنان، يلبّي طموحاته بوطن سليم مُعافى.
وعلى صعيد الدولار الأسود المتفلت، يحطّم انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار كل الحواجز، في خطى متسارعة غير مسبوقة منذ انفجار الأزمة الاقتصادية في تشرين الأول العام 2019، إذ تخطى الدولار في السوق الموازية مع مطلع الأسبوع عتبة الـ123.000 ليرة.
ويتَّفق عدد من الخبراء الاقتصاديين والماليين، في تصريحات مختلفة لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، على أننا “دخلنا، منذ مطلع العام 2023، إلى مرحلة جديدة من سرعة التدهور والانهيار على مستوى العملة الوطنية”، معربين عن تخوُّفهم بأن “لا أحد يمكن أن يتوقع المدى الذي ستبلغه، لأن سوق الصرف أصبح متفلّتاً من أي ضوابط، وسط ما نشهده من سهولة وسلاسة لافتة في كسر الحواجز النفسية للدولار”.
ويشير الخبراء، إلى أنه “في 19 كانون الثاني الماضي حطَّم الدولار حاجزاً نفسياً كبيراً، كان قبل أشهر قليلة يُعتبر عصيَّ البلوغ، بل لم يكن أحد يفكّر عند اندلاع الأزمة في تشرين الأول العام 2019 أنه يمكن الوصول إليه، إذ بلغ في هذا التاريخ عتبة الـ50.000 ليرة للدولار الواحد. في حين لم ينتهِ الشهر إلا وبات على مشارف الـ60.000 ليرة”.
ويرى الخبراء، أن “الدولار بات خارج السيطرة وبلا سقف، الأمر الذي حذّرنا منه تكراراً. فعملياً، لم يعد من معنى حقيقي للأرقام، 100 أو 150 أو 200 أو 250 ألف ليرة أو أكثر”، مشددين على أن “الحواجز النفسية للدولار ستُكسر تباعاً، ربطاً بكسر كل عناصر التصدّي لتفلُّته وفقدان الإمكانيات للجمه”. لقراءة المقال اضغط على هذا الرابط: خاص ـ الحواجز النفسية للدولار تتهاوى تباعاً… لا معنى للأرقام