موارنة في سبيل لبنان

حجم الخط

موارنة لبنان

موارنة في سبيل لبنان وُلِدوا في بيوت عائلاته، لم يأتوا إليه نازحين ولا مهاجرين، إنّهم لبنانيّون متأصّلون في الدم والهويّة، وُلِدوا هنا قبل الفتح العربي وقبل أي فكرة كيان أو تنظيم. موارنة لبنان اعتنقوا نهج القدّيس مارون المسيحيّ في القرن السادس الميلادي، وساروا بحسب تعاليمه في صون كرامة الإنسان ومبادئ عيش الحرية الدينيّة والفكريّة. ومع تكاثر أعداد معتنقي هذا النهج نظّموا أنفسهم في كيان بطريركي في بداية القرن الثامن الميلادي، يقودهم في تعاليم المسيح ليعيشوا في كرامة إنسانيّة بحريّة تامة، فأصبحوا الكنيسة المارونيّة المحبّة للمسيح.

موارنة لبنان ينتظمون منذ بدايتهم ضمن كنيسة قانونيّة لا تعرف الاعتباطيّة ولا الفوضى، بل تُعلي شأن القوانين ليحصل كل فرد على حقه دون منّة من أحد، فمنحها نهجها هذا الاستمرارية حتى كتابة هذه الأسطر. أدركت جماعة مار مارون منذ نشأتها أنّها تنتمي إلى أرض لبنان، لذا أصبح وَطنها وأرض رسالتها المسيحيّة المارونيّة، حيث تعمل بمشيئة الله وتعمل على تحقيق ملكوته السماويّ بين شعبه، بالتالي أعطته ذاتها وبذلت في سبيله الغالي والنفيس فأصبح لبنان في قلبها وفكرها أوّلًا، وهي كانت له الأمّ الّتي لا تنام قبل عودة جميع أبنائها إلى بيتهم الوالديّ.

نمى موارنة لبنان في أرض لبنان المقدّسة وتمكّنت الجماعة المارونيّة من جعل هذه البيئة الخضراء تسبّح اسمَ الله وتمجّده، فأعطته من أولادها قدّيسين يحملون اسمه في كلّ أصقاع العالم حتّى، حيثُ لم تجد اللغة العربيّة سبيلَا. لم تعرف هذا الجماعة الأنانيّة والتقوقع يومًا، فحين أُعطيت القدرة على تحديد نهائيّة الكيان اللبناني، طالب البطريرك الياس الحويك بلبنان الكبير، حيث يعيش فيه الإنسان مواطنًا متساويًا بالكرامة والحقوق وله الحريّة الدينية بعبادة الله حسب إيمان أجداده وعاديات تقاليده.

لم تستطع قساوة قلوب البعض تغيير حرفٍ واحدٍ من المبادئ الّتي تأسّست عليها الجماعة المارونيّة، لأنها كنيسة ثابتة على إيمانها بيسوع المسيح ولا تبغي سوى تحقيق مشيئة الله القدّوسة. عند كل محطّة لبنانيّة وطنيّة يتألق موارنة لبنان وتُظهر الكنيسة المارونيّة أنّ جذورها ضاربة في عمق أعماق تاريخ لبنانيّ مارونيّ لا يساوم على مبادئ التأسيس، ولا يتغيّر قرارها مع الزمن لا خوفًا من محتلٍّ ولا تماشيًا مع صرعةٍ أو بدعةٍ، بالتالي أضحى لبنان وطن رسالة لا يسقط في فخّ الديكتاتوريّة ولا الأصوليّة لأنّ أمّه لا تنام قبل عودة جميع أبنائها إلى بيتهم الوالديّ.

تتعاقب السنون وتتغيّر وجوه الأشخاص لكنَّ مار مارون خطّ نهجًا لا يشيخ وغير خاضع لصيرورة الزمن، ثابتًا على صخور لبنان ومثل الأرز زهرًا ينمي حتّى في شتاء العواصف وتحت الثلج. أمّا الموارنة، جماعة مار مارون هذه، فلا تخاف الذئاب الخاطفة لأنّها تصغي إلى كلمة الله فقط ولا تعمل إلّا بها، ولا تسير سوى خلف عصا راعيها. ستبقى كنيستُه أمًّا تُرَبّي أولادها وتسهر عليهم ليكبروا ويكونوا موارنة في سبيل لبنان.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل