… رسالة الى الموارنة

حجم الخط

رسالة الى الموارنة ـ شارل مالك

نشرت “المسيرة” من كتاب شارل مالك “رسالتان الى الموارنة” ـ العدد 1749 

اختلف وضع الموارنة السياسي والثقافي والاجتماعي الحاضر عمّا كانوا عليه في الماضي، إلا أن دور الموارنة الثقافي وموقعهم الحضاري لم ينتفيا أكان في لبنان أو في محيطه الشرق أوسطي.

إنهم كانوا ولا يزالون دعاة رسالة حضارية قوامها الانفتاح والإبداع والديمقراطية. إنهم كانوا ولا يزالون أساس لبنان الكيان والهوية والميثاق. إنهم كانوا ولا يزالون دعاة وركائز لبنان الرسالة كما سمّاه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني.

في كثير من مفارق التاريخ، اضطهد الموارنة، هُمّشوا، فتموضعوا، وخبا وهجهم. ولكنهم كانوا كل مرة على موعد مع الأمل والحرية والقداسة.

لقد أعطي الموارنة كثيرًا وما يُنتظر منهم كثير أيضًا.

أُعطي الموارنة هذا الجبل العظيم، جبل لبنان، المقترن إسمه بالمجد والكرامة والشموخ والصمود، وبـ”أرز الرب” الخالد. التفريط بهذه العطية العظيمة جريمة لا تُغتفر.

إن لبنان مُعطى للجميع، فهل يقدّرونه؟ والموارنة مؤتمنون على لبنان وجبله، كي يبقى منيعًا بأيديهم وأيدي كل اللبنانيين، فيكونون ويبقوا هم ويبقى الجميع.

أُعطي الموارنة حيوية وخصبًا في العطاء. أي حقل لم يُعطوا فيه، وأي نطاق لم يحتلّوه ويصولوا ويجولوا في رحابه؟ هذا قديس وهذا راهب ناسك على طريق التطويب. أي سنة لم تدشن فيها كنيسة مارونية جديدة أو دير جديد أو معهد أو مدرسة؟

مئات الرهبان والراهبات، وعشرات الأساقفة الأحبار، والإرساليات الرهبانية المارونية في العالم، كلها دلائل على عمق هذا العطاء. من أكثر من الموارنة أسهم في الفكر والعمل، في النهضة العربية الحديثة؟ أي شعر عربي يقترب من شعر سعيد عقل؟ أو إتقان أمين نخلة وفؤاد إفرام البستاني؟ أو ترجمة الموارنة لروائع المؤلفات الكلاسيكية العالمية إلى العربية؟

أي اغتراب أكثر تأثيرًا من الاغتراب الماروني إن حُسب بقلة عدده؟ وأي جماعة تفانت في الدفاع عن لبنان وقيمه في الحرب؟ وأي جماعة كانت أجرأ وأكثر اندفاعًا وتضحية وبطولة منهم؟

إن الطاقات المارونية بشأن قيادة لبنان هي:

1 ـ رئاسة الجمهورية وصلاحياتها.

2 ـ كون أكبر كتلة نيابية في البرلمان هي من الموارنة.

3 ـ احتلال موارنة أكفاء لمراكز عالية في أجهزة الدولة.

4 ـ كرسي بكركي البطريركي، وما يمليه من زعامة روحية وزمنية.

5 ـ الرهبانيات المارونية، بتنظيمها وعلمها، وعراقتها اللبنانية.

6 ـ المفكرون الموارنة، في القانون والتاريخ والأدب والشعر والعلم والفكر والتراث، إلخ.

7 ـ كون معظم الأحزاب السياسية الفاعلة يرأسها موارنة.

8 ـ الرابطة المارونية، والتي لم تحقق بعد إلا جزءًا ضئيلاً من إمكاناتها العظيمة.

9 ـ الاغتراب الماروني الكبير المنتشر في شتى أنحاء المعمورة.

10 ـ الشعب الماروني الصامت، المتجانس، المتراص، المؤمن بلبنان إيماناً لا يتزعزع، المجذّر في تربة هذا الجبل وصخره.

إن طائفة كهذه، بكل هذه الطاقات والإمكانات الضخمة، وهذا الرسوخ الصلب في الوجود اللبناني، عليها أن تتحمّل القسط الأكبر من المسؤولية في تقرير مصير لبنان. إن من أُعطي الكثير مطلوب منه الكثير أيضًا.

 

الكلمة موقف، أيًا يكن موقِعُها ووَقعُها. في الفكر، في السياسة،

في الدين، في الثقافة، في المجتمع، في الاقتصاد، في البيئة…

وحتى تصبح هذه “الكلمة” عابِرة في الزمان والمكان، تفتح مجلة “المسيرة” صفحتها “آخر الكلام” لكتَّاب وسياسيين ورجال دين وفكر وفلسفة واقتصاد، ليسطِّروا عليها كلمة… وموقف.

“المسيرة”

اقرأ أيضًا 
إقرأ أيضًا

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل