“ماذا تعني عبارة فنان ملتزم”؟ راقبوا مسيرة ماجدة الرومي فتعرفون معنى العبارة. في كل بلد تغني ماجدة الرومي فوق مسرحه، تحيي البلد المضيف، ولكنها تحكي عن وجع لبنان وشعبه ورسالته، وتحمل علم لبنان وتنحني له وتقبّله. هذه فنانة ملتزمة قضايا وطنها الذي تحمله رسالة عبر صوتها الى العالم كله. رسالتها فقط لبنان الحر المستقل الـ 10452 كيلومترًا مربعًا، وعدا ذلك لا فن ملتزم، بل كذبات ونفاق وتحايل على الوطن.
تقف فنانة عظيمة على مسرح عربي، وتعلن للملأ المأساة التي يعيشها لبنان، بسبب من هم محسوبون علينا وهم عمليًا ليسوا منا، فيشنّ هؤلاء، الذين ليسوا عمليًا منا، حملة شعواء على من كانت لأكثر من ثلاثين عامًا، رسولة الفن الراقي العريق، كانت ولا زالت صوت من لبنان يمجّد الله والارض والانسان. ماجدة الرومي حين تحكي وطنها وحين تغنيه.
وقفت السيدة ماجدة الرومي على مسرح دبي بالأبيض الحلو الأنيق، قالت لهم بصوت متهدج يكاد يقارب الدمع “أنا جايي من لبنان مطرح اللي عم نعيش أسوأ كوابيسنا بسبب يللي عم يقترف بحقنا من قِبل يللي اسمن منا وفينا وهني مش منا”… بجملة واحدة اختصرت سيدة الصوت والحضور، مصيبة لبنان الجريح المنكوب بحكامه ومحتليه، ولتجنّ على أثرها صفحات من يطلقون على حالهم صفة “ممانعين”، ولتنهال من قِبَلهم الاهانات والشتائم والكلام السفيه الذي لا يشبه الا مطلقيه، والبعيد كل البعد عن ثقافة لبنان وحضارته وشعبه الراقي العاشق للفنون، ولصوت ماجدة تحديدًا، وحضورها ورسالتها الوطنية العابرة لكل تلك السنين الذي تحوّل فيها صوتها، الى صوت لبنان الحلو الراقي المثقف، العابر للمساحات والاوطان.
المفارقة أنهم ما إن سمعوا خطاب الماجدة، حتى شنوا هجوماتهم المبللة من ثقافة اللا موت التي يعتنقون، طيب من قال إن ماجدة الرومي تتقصدهم هم تحديدًا؟ واضح أنهم عرفوا تمامًا انهم المستهدفون، لأنهم يعرفون تمامًا أنهم كذلك، إنهم هم الرذيلة والهيمنة وعنصر القضاء على لبنان وشعبه الحرّ، والا لما استنفرت أقلامهم المغمسة بالحقد على لبنان، ولما تجندت صفحاتهم وذبابهم الالكتروني لمهاجمة رمز وطني ثقافي فني كبير من لبنان، ماجدة الرومي.
المفارقة الأخرى، أن انحناء ماجدة الرومي لعلم لبنان في أكثر من حفل ومناسبة، أزعجهم وسنن أقلامهم لمهاجمتها، بينما انحناء سيدهم لتقبيل يد إيراني جعل الوطن العربي كله ساحة للفوضى، هو صلاة!
لا تكترثي يا ماجدة، فصوتك علامة، وحضورك رسالة، وكل ما تنطقين به عن لبنان هو حروف من وجعك وخوفك الكبير عليه. لا تكترثي ماجدة الرومي لأقلام صغار كبار في الحقد والقمع، فهؤلاء يعيشون أسوأ أيامهم لأن لبنان كله ينبذهم، يحكي عنهم من دون خوف ولا تردد، بعدما سقط قناعهم عن القناع وبانت أنياب الذئاب بوضوح، الذئاب التي تلتهم كل خير هذه الأرض، وعندما يواجههم الأحرار، تخرج الأنياب من تحت جلدها ويبدأون بحملات مسعورة على كل من يجابههم ويعترض طريقهم.
ما زال لبنان حلو لأنه لا يزال فيه مثل ماجدة الرومي، وهم قلة قلة، ما زال حلو لبنان لأن أصوات الأحرار في الاتجاهات كافة، لا تسكت ولن تسكت عن من يحتل لبنان. حلو صوتك يا ماجدة حين تتكلمين وهو يتهدج بالعاطفة والقهر الواضح على لبنانك العريق، هذا الخوف أزعجهم، أخافهم، قهرهم، لأنه عكس مرآة ارتكاباتهم الفظيعة بحق لبنان، فجنّت أقلامهم التافهة، هم انحدروا انحدروا الى قعر ما تبقى من إنسانيتهم، وأنتِ ارتفعتِ ارتفعتِ الى مصاف النبلاء الأحرار، بصوتك وخطابك وحضورك الذي كلما رفعتِ يديك وأنت تحيين جماهيرك العاشقة لك، يلوح لبنانك من الشال الابيض وذاك العنفوان الناعم المترقرق في الصوت الآسر والحضور المدوي، فلا تكترثي لهم ماجدة، ولك من لبنان الحرّ ذاك، كل التحية والاحترام لفنانة عظيمة من بلاد الأرز.