صفير: هل من ظلم أفدح من أن يُقتل عباد الله في رحاب بيت الله؟!

حجم الخط

البطريرك صفير ـ سيدة النجاة

البطريرك صفير ـ الرئيس رفيق الحريري

كتبت “المسيرة” ـ العدد 1750

الأجهزة كثيرة والأمن قليل

صفير: هل من ظلم أفدح من أن يُقتل عباد الله في رحاب بيت الله؟!

بحلول تشرين الأول 1992، أي مع انتهاء العمليات الانتخابية، تحولت بكركي الى مرجعية وطنية مساوية للمرجعيات الدستورية الثلاث مجتمعة التي باتت تمثل فقط مواقع نفوذ سورية تنفذ سياسة دمشق في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط. فيما استمرت بكركي المعقل اللبناني الحر الأخير الرافض للأمر الواقع الذي نظّر له كثيرون، واستقوى به آخرون، ودعا فريق ثالث البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الى الالتحاق به على قاعدة تحالف الأقليات الدينية لتعزيز وضع المسيحيين وإعطائهم أكثر مما هو مقدّر لهم في الدستور. وبين تأمين مصلحة اللبنانيين، وتأمين مصلحة المسيحيين، اختار البطريرك صفير أن يدافع عن لبنان لثقته بأن ما هو خير للبنان هو خير للمسيحيين. كان على البطريرك الماروني السادس والسبعين أن يوازن خلالها ويوفق بين أمرين: أن يدافع عن شعبه المستهدف بشكل مبرمج، والثاني أن يحافظ على الخط الوطني للبطريركية المارونية التي طالما تميّزت بالدفاع عن الكيان اللبناني ومقوّماته ككل. لقد كان أسهل على سيد بكركي في المرحلة السابقة أن يقصر مقاربته للشأن العام على مواقف وطنية تطال الخير العام للّبنانيين تاركاً للقوى السياسية المسيحية مسؤولية التفاهم مع القوى السياسية الإسلامية على الشؤون التفصيلية وحقوق كل طائفة. بيد أنه وجد نفسه مضطراً الى أن يتولى مهمة الدفاع عن المسيحيين الذين تعرضوا لحملات مركّزة من قمع وسجن ونفي واعتقال وتعذيب.

بعد أزمة حذف عظة البطريرك صفير، ساد جو من الهدوء الحذر. وتراجعت قليلاً حدة الانتقادات لزيارة البابا وأجواء التشنج الطائفي وعادت الأوساط اللبنانية الى الانشغال بالزيارة البابوية المرتقبة وبتفاصيل برنامجها. وفي هذا الإطار، زار قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في الثامن عشر من شباط السفير البابوي بابلو بوانتي في حريصا ليطلب منه أن يزور البابا منطقة الأرز ليستقبله أهالي بشري والجبة الذين لن ينزلوا الى نورث ليبانون كولدج في زغرتا حيث من المقرر أن يحتفل البابا بالقداس. وبحسب جعجع أبدى السفير البابوي بعض المرونة. أما في ما خص الشأن العام، فبدا لسيد بكركي أن قائد القوات الذي لم يكن يعلم أنه يزور بكركي لآخر مرة قبل اعتقاله، “لأنه غير متشائم لأن الشباب اللبناني يختزن طاقة كبيرة ستظهر بعد زوال الكبت وانسحاب الجيوش الغريبة وعودة السلام”.

كان صباح الأحد الواقع في السابع والعشرين من شباط 1994 هادئًا، وكانت البلاد مشغولة بانتخابات محافظة الشمال الفرعية لملء المقعد الشاغر بوفاة النائب عبد الله الراسي. ترأس سيد بكركي القداس في تمام التاسعة كالمعتاد والحضور من الشخصيات المحلية المألوفة مشاركتها إضافة الى السيد ماتيولي رئيس المجلس الاقتصادي – الاجتماعي في فرنسا وزوجته.

انفجار سيدة النجاة

وخلال إلقاء البطريرك الماروني العظة التي أعدّها مساء اليوم السابق وفيها استنكار لمجزرة الحرم الإبراهيمي، دوّى انفجار، لم يُعرف مصدره، لكنه بدا قريبًا. توجّس البطريرك صفير والحضور من هذا الدوي لأن البلاد كانت تعيش منذ أكثر من شهرين في قلق متزايد من عمليات تفجير واعتداء على مدافن مسيحية ودور عبادة. ولم تمض دقائق حتى ورد الى البطريرك خبر الانفجار في كنيسة سيدة النجاة في زوق مكايل. إنها الكارثة التي لم يكن أحد يتوقعها، ضربت لبنان والمسيحيين والبطريرك الماروني على حين غرة. عرف الجميع حصيلتها، وهي عشرة قتلى وستون جريحًا، فيما لم يتوقع أحد حجم تداعياتها، وكان جميع اللبنانيين يشعرون بأنهم يدخلون في نفق مظلم لكن من غير التمكّن من فعل شيء يدرأ عنهم هذا المصير السيئ.

ردة الفعل الأولى، كانت اللجوء الى الصلاة. انتقل بعدها الى مكتبه لإجراء اتصالات وتلقي أخرى من المسؤولين السياسيين والأمنيين لمعرفة آخر المستجدات. وفور إعلان الإذاعات والتلفزيونات خبر المتفجرة، تقاطرت الشخصيات السياسية والروحية الى بكركي للتعبير عن تضامنها مع سيدها في هذا المصاب الكبير. و”كانت ملامح الحزن والألم والأسى بادية بوضوح على وجه البطريرك وهو يجول في نظره على الحضور وكان يستمع الى الآراء والأفكار التي يطرحها عليه المعزون” وأطلقت التصاريح الداعية الى التمسك بالوحدة الوطنية ورص الصفوف والكشف عن هوية المرتكبين، فيما كان البطريرك صفير يتلقى التعازي ويحرص على اختيار كلماته بدقة نظراً الى هول الفاجعة، فكان يستمع بإصغاء كبير وهدوء الى ما يقوله المعزون مفضلاً كالعادة عدم التسرّع في اتخاذ الخيارات.

 

استهداف السلام

بعد الظهر، نزل البطريرك صفير الى كنيسة سيدة النجاة، ووقف وصلّى وتأمل الدماء والمقاعد المحطمة والزجاج المتناثر في كل الأنحاء وموضع القذائف التي لم تنفجر وكانت موضوعة في صندوق “هارمونيوم” الكنيسة. وقال للصحافيين: “إن مجزرة من هذا النوع لا يمكن أن نصفها، وهي لم تستهدف فقط هذه الكنيسة بل استهدفت السلام (…) نحن نستنكرها كل الاستنكار ونسأل الله أن ينتزع البغضاء والحقد من القلوب (…) إن الذين يقدمون على مثل هذه الأعمال هم مواطنون قد خسروا جانبًا من إنسانيتهم”. ثم توجّه الى مستشفيي سيدة لبنان وباستور حيث عاد الجرحى وتفقد أحوالهم. وأعرب عن رغبته في ترؤس رتبة جنازة شهداء الكنيسة في اليوم التالي. وقفل راجعًا الى الصرح البطريركي وتفكيره مشغول في ما عساه يكون أمر هذا التفجير.

أمضى سيد بكركي ليلته يحاول فهم خلفيات الانفجار ويستعرض التفسيرات التي أعطيت من رجال السياسة من الاتجاهات كافة. فمنهم من اعتبرها محاولة تغطية إسرائيلية لمجزرة الحرم الإبراهيمي حيث أقدم متطرف يهودي على قتل عشرات المصلين المسلمين، ومنهم من رأى أنها تهدف الى ثني البابا يوحنا بولس الثاني عن زيارة لبنان التي كانت مرتقبة في نهاية شهر نوار من العام نفسه تعبيرًا عن رفض المجموعات الأصولية الإسلامية لقرار الكرسي الرسولي بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فيما رأى بعض آخر أن المتفجرة تندرج في إطار التفجيرات المتكررة ضد المنشآت وأماكن العبادة المسيحية من خلفيات دينية سلفية.

كان حجم المأساة كبيرًا وكانت مخاوف البطريرك صفير كبيرة مما سيحمله الغد وما ستتركه المجزرة من آثار سلبية على المسيحيين الذين كانوا يشكون في تلك المرحلة من التهميش المبرمج لدورهم والذي اتفق على تسميته “الإحباط المسيحي”. وكان البطريرك الماروني قد رفض رفضًا قاطعًا هذا التوصيف، معتبرًا أنه غير صحيح وأن له خلفية غير بريئة ترمي الى تيئيس المسيحيين وحملهم على الهجرة.

 

عظة تاريخية

ترأس البطريرك الماروني في اليوم التالي في كنيسة سيدة النجاة الصلاة عن أنفس الضحايا أمام ستة نعوش تأمل فيها مليًا طوال الفترة التي استغرقتها الطقوس الجنائزية. فيما نقلت النعوش الأخرى الى قرى الضحايا في أنحاء لبنان. وكان على البطريرك الماروني أن يلقي عظة تاريخية، وهو يعلم أن لبنان بأجمعه وخصوصًا المسيحيين ينتظرون ما سيقول وكذلك المسؤولين في لبنان وسوريا والعالم. كان يشعر بأن عليه أن يدافع عن شعبه ويستحثه على الصمود أمام العاصفة العاتية ولكن من غير أن يشنج الجو طائفياً. فتوجه بداية الى رئيس الجمهورية الياس الهراوي بالقول: “فخامة الرئيس، يعزّ علينا جدًا أن نقف معًا ووراءكم هذه الحشود من المؤمنين بالله، المخلصين لوطنهم لبنان، هذا الموقف الحزين. ولكنه حزن يطيبه رجاء مسيحي يعلمنا بأن لله عيناً ترعى الأخيار والأشرار” (…).

 

آن أوان إصلاح الأخطاء

وتابع: “وهل من ظلم أفدح من هذا الظلم وهو أن يقتل عباد الله في رحاب بيت الله (…). القول إن ما حدث يحدث في أرقى بلدان العالم لا يشفي الغليل. وهناك يكتشفون الفاعل فيلقى ما يستحق من عقاب وهنا يبقى الفاعل مكتوماً عن عجز أو تجهيل وكلاهما سيان (…) كيف نرضى بأن نرى أبناءنا يذبحون أمام عيوننا حول مذبح الرب ونحن الذين لجأنا الى المغاور والكهوف في عهد الظلم والظلام طوال مئات السنين ليسلم لنا الإيمان بالله وعبادته على طريقتنا في هذه الجبال وعلى الشواطئ ولتبقى لنا الحرية التي إن عدمناها عدمت الحياة.

لقد قاسينا الويلات وثبتنا بنعمة الله وعونه ولن تقتلع جذورنا وهي عميقة تضرب في أعماق التربة والتاريخ من هذا الوطن، وانّا باذن الله لن نتخلى عن حقنا في أرضنا (…) ولن نقف موقف الساكت أو المحبط أو المستجدي. وقد آن الأوان لإصلاح الأخطاء وتصحيح المعادلة بحيث يطمئن كل ذي حق الى حقه (…).

ومن لذلك غير دولة قادرة تحمي الأعناق والأرزاق والأعراض يشارك في تسيير شؤونها، على قاعدة العدالة، جميع أبنائها وخصوصًا على صعيد اتخاذ القرار الحر لفائدة الجميع. ولا نعني دولة تكثر من الأجهزة الأمنية ولا توطد الأمن وتلاحق فريقًا من أبنائها وتغمض العين عن فريق وترهق أناساً وتعف عن أناس (…) لن ندخل في متاهات التحليل والتأويل لاكتشاف الغاية مما حدث لمعرفة من المخطط والمنفذ ومن وراءهما فهذا ليس شأننا. نحن نعيش في ظل دولة عليها أن تقوم بمهامها في حماية المواطنين”.

 

قمة روحيّة

بعد الصلوات الجنائزية، انتقل البطريرك صفير الى الصرح البطريركي حيث عقدت خلوة روحية إسلامية – مسيحية شارك فيها عن الجانب الإسلامي القائمقام مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، فيما تغيّب قائمقام شيخ العقل بهجت غيث لأسباب صحية. وبعد تداول في الوضع المستجد وتأكيد القيادات الروحية على تضامنها في هذا المصاب، طالب المجتمعون “باتخاذ التدابير الآيلة الى كشف مجرمي مجزرة كنيسة سيدة النجاة”. وقال الشيخ شمس الدين بعد الخلوة: “هذه ليست جريمة انتقامية وانما هي جريمة لها هدف سياسي واضح (…) فالهدف ليس الكنيسة والمصلين، بل إن الهدف هو قلب لبنان ووحدة لبنان”.

وتقاطرت الشخصيات السياسية والدينية في الأيام التالية معربة عن تضامنها واستنكارها لما حدث ويحدث. وتلقى البطريرك الماروني زيارات واتصالات وبرقيات تعزية من مختلف الشخصيات المحلية والعالمية. فيما استمر مسلسل الرعب ووجد عدد من العبوات والطرود المفخخة أمام المركز الثقافي الفرنسي في غدير وغيرها من مناطق كسروان. وزار النائب السوري محمد أبو كرود بكركي معزياً في العاشر من آذار. وبعث العاهل الأردني حسين رسالة تعزية مرفقة بشيك قيمته مائة ألف دينار لأسر الضحايا عبر وزارة الخارجية اللبنانية.

 

تحذير من تجهيل الفاعل

أراد البطريرك أن يكون بيان المطارنة الموارنة في الثاني من آذار متعلّقاً بمجزرة الكنيسة وشديد اللهجة وإنما في الوقت عينه، يدعو الى عدم الوقوع في تجربة التفرقة واجتناب السقوط في فخ التصعيد غير المدروس. فحذّر البيان من تعمّد تجهيل الفاعل وعدم المضي في التحقيق الى خواتيمه: “أما إذا كان مصير التحقيق في هذه المجزرة، وهي تختلف عما سواها نوعاً وهولاً، سيكون ما سبق سواه من تحقيقات، فيخشى أن تسقط هيبة الحكم، وما سيستتبع ذلك من خيبات كبيرة لها أسوأ الأثر على الوطن وأمنه واستقراره وثقة أبنائه والعالم به”.

ومنذ وقوع المتفجرة، اتجهت الأنظار الى الفاتيكان لمعرفة ما إذا كانت الزيارة البابوية المقررة الى لبنان ستُلغى أو ستُؤجل أو ستبقى في موعدها المحدد. التعليق الأول للسفير البابوي بابلو بوانتي غداة الانفجار كان التأكيد على أنها لا تزال قائمة في موعدها المحدد. وتابع القاصد الرسولي جولاته على المناطق والفعاليات الدينية والسياسية. وجاء النائب مصطفى سعد، للمرة الأولى، الى بكركي، في الثالث من آذار معزياً بضحايا الكنيسة وشاكيًا من قيام بوانتي بزيارة صيدا واجتماعه بالنائبة بهية الحريري واستبعاده عن كل التحضيرات الجارية لاستقبال الحبر الروماني. وطالب سعد إشراكه بالتحضيرات معرباً عن استعداده للاجتماع ببوانتي في مقر رسمي مثل البلدية إن كان هذا الأخير غير قادر على زيارته. وكان الزعماء الموارنة المنفيون طوعاً أو قسراً الى باريس معارضين للزيارة البابوية الى لبنان ما لم يسبقها الحصول على ما يضمن تحرير أرضه وإرادته. وقاموا بسلسلة اتصالات بالبعثة البابوية في فرنسا وبالدبلوماسية الفاتيكانية في الكرسي الرسولي لإظهار سلبيات زيارة البابا يوحنا بولس الثاني الى لبنان في ظل الظروف التي كانت قائمة.

 

محاصرة جعجع

في العاشر من الشهر نفسه، نفذت وحدات من الجيش اللبناني انتشارًا في محيط مقر القوات اللبنانية في غدراس وفرضت نوعًا من الحصار. في الثالث والعشرين، اتخذ مجلس الوزراء قرار سحب العلم والخبر من حزب القوات اللبنانية وقرار توقيف النشرات الإخبارية والبرامج السياسية في التلفزيونات والإذاعات الخاصة. في الحادي والعشرين من نيسان جرى توقيف سمير جعجع. بعد ثلاثة أيام، نُفذ أول حكم إعدام منذ عشر سنوات بمغتصب فتاة صغيرة، بعدها بأسبوع نُفذ بالمجندين السوريين المدانين باغتيال بائعي مجوهرات في بعبدا. وفي الثامن والعشرين من نوار بقاتل ثلاثة من عناصر قوى الأمن الداخلي. وفي التاسع عشر من حزيران، صدر مرسوم التجنيس.

 

لا نعرف المسؤول

أغرقت متفجرة الكنيسة البلاد في جو من الضياع والخوف، خصوصًا مع استمرار اكتشاف عبوات ناسفة معظمها لم ينفجر في مناطق قريبة من الصرح البطريركي في بكركي. واستمرت حملات التوقيف خصوصاً في صفوف القوات اللبنانية فيما تتوالى التصاريح الاستنكارية التي تتهم إسرائيل بالمتفجرة بغرض التغطية على مجزرة الحرم الإبراهيمي. أما وليد جنبلاط، فاتهم جهات لبنانية على ما أشار إليه من طرف خفي، غداة وقوع الانفجار، بقوله إن نغمة الفدرالية والتقسيم عادت مجددًا وأصحابها يفتعلون الأحداث لكي يمرروا مخططهم. العامة من الناس وبعض المراقبين اتهموا التنظيمات الأصولية بالتفجير على خلفية اعتراف الفاتيكان بدولة إسرائيل. ووجه البعض الاتهام الى سوريا التي لها مصلحة في أن تظهر أن لبنان لا يزال يحتاج إليها لتوطيد الأمن فيه. إزاء كل هذه الاتهامات حافظ بطريرك الموارنة على موقف واحد هو الذي قاله للرئيس رفيق الحريري الذي زاره يوم الانفجار متهمًا إسرائيل بالضلوع فيه: “لا نعرف من وراءه، على الأجهزة الأمنية أن تظهر ذلك، وهذا ما يطمئن المؤمنين واللبنانيين على وجه الإجمال”.

 

تهديدات بالاغتيال

وفي الثامن عشر من آذار، أخبر مطران صور والأراضي المقدسة مارون صادر البطريرك أن إبن أخيه شارل خوري، مستشار الرئيس نبيه بري اتصل به هاتفيًا الى صور وطلب إليه الحضور الى بيروت لأمر مهم. وأخبره أن الرئيس بري علم من مصدر موثوق أن اسمه مدرج على لائحة الاغتيالات مع المطران خليل أبي نادر والأباتي بولس نعمان. اتصل المطران بالرئيس بري وكان جواب الأخير: “ما قاله لك شارل هو الحقيقة”.

وأوضح المطران صادر أنه التقى الشيخ ياسين فأبدى له ممانعة من قبل “حزب الله” من زيارة قداسة البابا الى صور. وقال: “ماذا هذه الزيارة بعد أن اعترف الفاتيكان بإسرائيل؟ نحن غير راضين عنها وسنصدر فتوى تحرّم المشاركة في استقبال البابا ولن نستقبله”. وكانت مجلة “الشراع” ذكرت شيئًا مثل ذلك. فطلب سيد بكركي من المطران صادر صورة عن مقالة الشراع وأن ينقل الى أمين سر السفارة البابوية ما سمعه في هذا الشأن لأن السفير بوانتي موجود في روما.

لم تجعل الأحداث المتسارعة والدقيقة البطريرك صفير يهمل كل ما من شأنه أن يعزز أواصر الأخوة والمحبة مع القيادات الروحية الأخرى. وقام يوم الأحد في العشرين من آذار بزيارة الشيخ محمد مهدي شمس الدين لتهنئته بانتخابه رئيسًا للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. ووجد لديه قائمقام مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني وجمهور من المهنئين. فتبادل السلام والكلام الدافئ مع شمس الدين وقباني، وكان الكلام في العموميات والأوضاع الصعبة التي تجتازها البلاد. وطلب الرئيس الجديد للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من سيد بكركي “عقد خلوة إرضاء للناس وإيهامًا أننا نبحث في أمور مهمة”، على ما قال.

وتمنى شمس الدين في الخلوة أن يكون الخطاب السياسي متشابهًا بين القادة الروحيين في لبنان وأن يدعموا الحكومة. فأجابه سيد بكركي: “هذا مبتغانا ولكن ما العمل إذا كانت إرادتها مرتهنة؟” فعلق شمس الدين: “لقد أفسدت كل ما قلناه وأبطلته بهذه الكلمة”!

 

من كتاب “السادس والسبعون مار نصرالله بطرس صفير” للمؤلف أنطوان سعد

إقرأ أيضًا

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل