السلام عليك يا مريم

حجم الخط

القديسة مريم

السلامُ عليكِ يا مريم، كانَ السلامُ أوَّل كلمةٍ أرسلها الله إلى مريم، أعلنَهُ الملاك كونها لقِيَت نعمةً عند الله. لم يكنِ السلامُ كما يعطيه العالم بل سلامًا من قلب الله إلى قلب من رَضِيَت تحقيق مشيئته القدّوسة بكامل حرّيّتها، لا بل قرّرت أن تكون أَمَةً في سبيل تحقيقها. كما كانت مشيئتُه سلامًا لقلب مريم، ما زالت حتّى اليوم ودائمًا، سلامًا لقلب كُلّ إنسان يطلب شفاعتَها لدى ابنها يسوع المسيح. لم تَبغِ مريم شيئًا لنفسها بل طلبت من الخدم أن يفعلوا ما يطلبه يسوع منهم، حتّى تنازلت عن كلمتها كي تفعَلَ كلمةُ الله في حياة الناس فرحًا لا ينتهي مع أول خمرة فُقِدت، بل ينمُو في كلمة الله ويدوم في ديمومة محبّة الله المنبثقة من قوّة صليبه، القادرة على تليين قساوة القلوب مهما اشتدَّت صلابتها وحقدها.

لم تترك ابنها يسوع وحيدًا على الصليب لأنّها أمّ فتكون حيث يكون ابنُها في كلّ مسيرة حياته، كذلك لم تترك الكنيسة يومًا بل بقيَت حاضرةً فيها الشفيعَ الأكرمَ على مدارِ ساعات الجلجلة كما في أيّام القيامة والانتصار. إنّها الأمّ الّتي لم تردَّ يومًا طلبة المؤمنين الّذين يبغون المزيدَ منها كلّ حين، تفتحُ يديها لتضمَّ السائرين إليها والهاتفين: إليكِ الوردُ يا مريم يُهدى من أيادينا هلمّي واقبلي منا عربون حبٍّ… وهي تصلّي لأجلهم، بالرغم من خطاياهم على دوام ساعات حياتهم.

أعلنتها الكنيسة الكاثوليكيّة المقدّسة في ثلاثةِ عقائدَ إيمانيّة: “أمّ الله” و”الحَبَل بلا دَنَس” والانتقال بالنفس والجسد إلى السماء”، كرّمتها منذ بداياتها إذ تخصِّصُ كلّ يوم أربعاء من أيّام الأسبوع لتكريمها، وخصّت شهر أيّار من كلّ سنة للتعبّد لها، وحدّدت أعيادًا كثيرة لها على مدار السنة لتكريمها وطلب شفاعتها كونَها الأمَّ الحنونة الّتي لا تغفل بنظرها عن حاجات أولادها.

لجأ البطاركة الموارنة عبر تاريخهم إلى حمايتها حيث شيّدوا معظم مراكزهم وصروحهم متشفّعين باسمها: سيّدة إيليج، سيّدة قنوبين، سيّدة الحِبس في العاقورة، سيّدة بكركي، سيّدة الديمان… تميّز قديسو لبنان بتعبّدٍ خاصّ لمريم العذراء إذ كانت صورتُها ثابتة أمام أعينهم وزيّحوها فوق رؤوسهم أينما حلّوا وكانت تلاوة مسبحتها فرضَهُم اليوميّ. رافقت شعب لبنان عبر تاريخهم في أيّام الشقاء والبؤس كما كانت على أقدام الصليب يوم الجلجلة، فشيّدوا لها الكنائس في جميع بلداتهم وقراهم لتكون ذكرى ورمزًا لقيامتهم من تلك الأيّام البائسة وانتصارهم عليها بقوّة صليب الربّ يسوع.

شاهدت سيّدة لبنان مآسي الحرب اللبنانيّة من تلّة حريصا حيث دمع قلبها على بيروت وخصوصًا يوم فَجَّروا مرفأها وقتلوا الأطفال والعجّز فيها وشرّدوا أهلها لغايةٍ في نفس الشرّير، ولكنّها بقيت شاخصةً نحوها ليعلَمَ القاصي والداني أنّ لبنان سيبقى تحتَ حمايَتِها وأنَّ شعبَهُ سيتّجِه دائمًا إلى ظِلِّ حمايتها.

إقرأ أيضًا 

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل