بالوقائع: “الحزب” مع الخروقات الإسرائيلية.. “مسامح كريم”

حجم الخط

الحزب والخروقات الإسرائيلية

لا يسعنا بعد 24 عامًا على خروج الجيش الإسرائيلي من الجنوب وبعد 18 عامًا على “الانتصار الثاني” لـ”الحزب”، بـ”دحر العدوان”، إلّا أن نسجّل ما حفلت به تلك المحطتان وما بينها وما بعدها من مصطلحات وحجج وذرائع صبّت كلها لمصلحة بقاء “الحزب” عسكريًا على الرغم من تلاشي “مشروعية” الحجج، بعد “تحرير” الـ2000، على ما ورد في ملحق البرنامج الانتخابي للتيار الوطني الحر في العام 2005.

وعلى الرغم من “إنهاء” الحزب نفسه لمهمة “مقاومته” على أرض الجنوب بعد موافقته وبعد “انتصار 2006” على ما ورد في بنود قرار مجلس الأمن الدولي 1701، لا تزال الوقائع تُكذّب الغطاس.

إذًا، اليوم وعلى الرغم من تأكيد قيادات “الحزب” وممانعته ومحورها على ارتباط ما يجري في الجنوب عضويًا وفعليًا مع إطلاق أول رصاصة، إعلانًا لفتح جبهة “المساندة” لحركة ح. وليس للفلسطينيين، يعمد “الحزب” وقياديوه وصحافيوه، وفي محاولة لإضفاء “مشروعية” لبنانية دفاعية وطنية على ما نَتُج وما استنتج، على التذكير بالخروقات الإسرائيلية وكأن “الفتح” كان على شرف الردّ على تلك “الخروقات” التي بدأت واستمرت منذ أيلول 2006 ولم تنته حتى كتابة هذه السطور.

لم يكن تصريح “يد الحزب الناعمة” في السلطة التشريعية، الرئيس نبيه بري الأخير الشاكي الإحصائي للخروقات الإسرائيلية، أول اشارة لتلك الخروقات ولن تكون الأخيرة، إذ شدّد أمام المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا في 16 أيار 2024 “على تأكيد التزام لبنان بالقرار الأممي 1701 الذي دأبت إسرائيل على خرقه منذ صدوره عام 2006 بأكثر من 30 ألف خرق”، إذ أنّ اللبنانيين المؤيدين منهم والمعارضين لـ”مغامرة” و”مقامرة” الإسناد والإشغال حتى الإشعال، يتذكرون “أداء الحزب” أمام الخروقات المذكورة وانجازات ردعها وإيقافها – التي لم تحصل – طيلة الفترة الممتدة من إعلان الانتصار حتى الآن، ومن المفيد العودة الى التصريحات والمواقف التي أطلقها حصرًا أمين عام الحزب، في فترات متفاوتة زمنيًا حتى اليوم، عن تلك الخروقات المتمادية والمستمرة وملاحظة كيفية معالجتها أمنيًا وجذريًا.

في 22 أيلول 2006 وفي مهرجان الانتصار، يقول نصرالله: “هل ستحول الحكومة اللبنانية الجيش اللبناني إلى وحدة عداد شكاوى وتسجيل خروقات؟ هذا معيب في حق الجيش اللبناني”.

في 11 تشرين الأول 2011 يوثق نصرالله الخروقات فيقول: “عدد الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية منذ عام 2006 بلغت 20 ألف و864 خرقًا”.

في 14 آب 2013 يعود الى الموضوع ذاته، فيشير الى أنه “ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺪ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻟﻤﺎ ﺗﻢ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﺮﻭﻗﺎﺕ ﺍﻻإﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ. ﻓﻲ ﺍﻵ‌ﻭﻧﺔ الأخيرة ﺑﺪﺃﻧﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﻭﻧﻌﻠﻢ ﺑﺨﺮﻭﻗﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﻃﺎﺑﻊ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻲ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺗﺴﺘﻬﺪﻑ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﻛﻮﺍﺩﺭﻫﺎ، ﻭﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻠﺒﻮﻧﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺍلأﺧﻴﺮﺓ ﻭﻟﻦ ﻧﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﺮﻭﻗﺎﺕ الإ‌ﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﺔ. ﺍﻟـ1701 ﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﻴﻦ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺨﺮﻭﻗﺎﺕ الإسرائيلية، واليونيفيل تغض الطرف عن الخروقات الإسرائيلية فيما الجيش لا امكانات لديه”.

وانطلاقًا من اعتقاد نصرالله بأحقية التصرف، أعلن في 25 أيار 2014 أنه “إذا وصلت الخروقات (الإسرائيلية) إلى خطوة تستدعي تدخل المقاومة لن نسكت عن حقنا في حماية أرضنا”، ليعود ويؤكد في 15 كانون الثاني 2015، أننا “قد نرد على الخروقات الجوية الإسرائيلية”.

في 30 أيلول 2017، قال نصرالله: “الحزب سيبحث عن وسيلة لعلاج قضية الخروقات الإسرائيلية في جنوب لبنان إن لم تحل بالوسائل السياسية”، ليعود ويبرر في 20 أيلول 2019 أنه “حتى هذه اللحظة قرار مواجهة المسيرات كان له تأثير واضح في تراجع عدد الخروقات الاسرائيلية وسنقدم إحصاءات في المرحلة المقبلة”.

بعد وقت قصير، وتحديدًا في 1 تشرين الثاني 2019 قال: “ما حصل بالأمس في الجنوب هو مسار إسقاط المسيرات في المكان الذي نستطيع إنزالها لأن الهدف الحقيقي هو تنظيف الأجواء اللبنانية من الخروقات الإسرائيلية وهذا السياق سيستمر.”

في 12 تموز 2023 اعترف نصرالله بما يسقط حججه: “الخروقات الإسرائيلية منذ 2006 الى اليوم هي بالآلاف ولم يحرك أحد ساكنًا في العالم”، ليعود ويعلن في 13 شباط 2024 ما يلي: “يقولون القرار 1701 هو الذي يحمي لبنان. من الـ2006 ولليوم، آلاف الخروقات بحسب إحصاءات الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية ولم يحمِ”.

هذه العينة من تصاريح الأمين العام  تثبت أن “الحزب” تعامل مع الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية جوًا برًا وبحرًا، تمامًا كما تتعامل شركات الإحصاء والاستطلاع وكما يتعامل معها مراقبو قوات حفظ السلام العاملة في الجنوب ولعشرات السنين، إذ لم تحدُ تلك الخروقات على كثرتها وتماديها الحزب وقواه المقاومة على فعل ما فعل في مساندته لحركة ح. في فلسطين، لا بل التزم “الحزب” بوسائل سلمية سياسية “غاندية”، وهذا ما أكده تصريح نصرالله في 30 أيلول 2017 إذ قال: “الحزب سيبحث عن وسيلة لعلاج قضية الخروقات الإسرائيلية في جنوب لبنان إن لم تحل بالوسائل السياسية”.  هذا يعني أن “الحزب” في الخروقات والانتهاكات للأرض والعرض على السيادة اللبنانية، لطالما اعتمد ما تطلب منه القوى المعارضة السيادية، أي الوسائل السياسية، ولم تتحرك حميته الا عندما أمره وليّه الاقليمي في إيران بـ”الإشغال” لأهداف وغايات بعيدة كل البعد عن مصلحة الجنوبيين واللبنانيين، أهداف لصيقة عضويًا بإيران ومحورها خارج الحدود.

ما يتكرر اليوم وما يُضخ من حجج ومحاججات وذرائع لا منطقية ووقائع لم تقع في أي حال من الأحوال في أي زمان أو مكان على ألسنة ووسائل المصادرين القسريين والمشوهين لـ”الحقائق” الواضحة، ما هو إلا ضرب من ضروب التجهيل الممنهج والخداع المبرمج التي دأبت عليه الأنظمة التوتاليتارية وأحزابها في الماضي وتستمر مع أشباهها في الحاضر… ومع الممانعة بحلّتها الإيرانية الجديدة.

إقؤأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل