لبنان على قاب قوس احتلالين.. إرفعوا الوصاية!

حجم الخط

لبنان ـ النزوح السوريلبنان ـ النزوح السوريلبنان ـ النزوح السوريلبنان ـ النزوح السوريلبنان ـ النزوح السوري

تصاعديًا بدأ يتجه ملف الوجود غير الشرعي للنازحين السوريين في التدرّج ولا تنذر خواتيمه بالفصل الأخير المنشود من قبل الكتل النيابية المعارضة والمستقلة. قبل يوم واحد من موعد الجلسة النيابية العامة التي عُقدت في 15 أيار الماضي لمناقشة الهبة الأوروبية وملف النازحين السوريين وأسفرت عن توصية غير ملزمة للحكومة، صدر “أمر العمليات” من أمين عام “الحزب” طلب فيه من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عدم ترؤس الوفد الذي سيشارك في مؤتمر بروكسل (عُقد في 27 أيار)  لمناقشة مسألة النزوح السوري بسبب عدم دعوة سوريا إليه، كما دعا إلى فتح البحر أمام النازحين للمغادرة الجماعية إلى أوروبا، وطالب السلطات اللبنانية التنسيق مع سوريا والعمل معًا على رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن نظام بشار الأسد.

من دون اعتراض ولا نقاش نُفِّذ الأمر الأول. في ما يبدو أن الأمر الثاني غير منوط بأوامر “الحزب” إنما بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. إلا أن المفوض السامي رفض كل التدابير التي اتخذها وزير الداخلية بسام المولوي فضرب الأعراف والقوانين وتعامل مع السيادة كأداة غير سامية. وجاء الرد من رئيس حزب “القوات اللبنانية” باسم اللبنانيين الأحرار والمدركين للخطر الوجودي: إما التراجع عن القرار أو طرد المفوض السامي.

لاحقًا سُحب كتاب “الوصاية” وبدأ العمل على تفكيك قنبلة النازحين الموقوتة المرجّحة للانفجار. فهل تكون بداية النهاية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي للنزوح السوري وتُرفع عنه وصاية المفوضية السامية للاجئين؟

الحراك في أشده، والمسار على ما يبدو طويل. المهم أن القاطرة وُضعت على السكة الصحيحة.

على مدى نحو 13 عامًا تعمّقتْ أزمة النزوح بعدما تحوّلت مشكلة إنسانية وسياسية واقتصادية وديموغرافية واجتماعية تمتدّ تشعباتها بين لبنان وسوريا ودول اللجوء الأوروبية مثل قبرص واليونان وإيطاليا، لتصل إلى الأمم المتحدة والمفوضية العليا للاجئين ومعهما الولايات المتحدة والدول الغربية المعنية بـ”قانون قيصر” والملف السوري. وإذا كانت الحلول ليست حتمًا بيد اللبنانيين وحدهم إلا أنهم قادرون على السير في أولى خطواتها بغية تنظيم الوجود السوري غير الشرعي على أرضهم في انتظار تَوافُقٍ بين الأطراف المحلية والدولية والإقليمية على رسم خارطة طريقٍ لعودة النازحين والالتزام بها.

شرارة الحملة على الوجود غير الشرعي للنازحين السوريين انطلقت مع جريمة منسّق جبيل في حزب “القوات اللبنانية” باسكال سليمان الذي قُتل على يد سوريين بعد خطفه. “القوات” قرعت جرس الإنذار وبدأت التحرّكات التي وصلت إلى درجة من الغليان وبدأت تنذر بانفجار مدوٍّ في أي لحظة.

وإلى مسلسل جرائم القتل والسرقة والإعتداءات شبه اليومية على يد “نازحين سوريين”، تكشفت أزمة الاكتظاظ غير المسبوق في السجون اللبنانية التي بلغ عدد السوريين فيها نحو 40 في المئة من مجموع نزلائها بحسب مصادر قوى الأمن الداخلي بعدما ازدادت الجريمة بنسبة 100 في المئة، ويشكّل السوريون 60 في المئة من مرتكبيها وفق إحصاءات الأمن العام.

 

القوات تتحرك بالوثائق

على وقع الأرقام المقلقة وترددات جريمة باسكال سليمان على الرأي العام اللبناني عمومًا، والقواتي تحديدًا، حملت النائب ستريدا جعجع ملف النازحين السوريين وعرضته مع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي. أهمية الطرح تكمن في الأرقام الموثقة التي عرضتها على المولوي كما على المدير العام للأمن العام الياس البيسري والمدير العام للأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.

بالأرقام استطاع قضاء بشري تنظيم وجود النزوح السوري والحد منه في شكل كبير ليصل الى 1000 عامل شتاءً وبحدود 1800 عامل صيفًا تزامنًا مع موسم قطف التفاح، فيما الأرقام تتصاعد في الأقضية المسيحية الأخرى لتبلغ 40.000 في البترون و62.000 في زغرتا و30.000 في الكورة و50.000 في كسروان. أما المتن فيستضيف العدد الأكبر مع 150000 نازح ما يجعل العدد في جبل لبنان ومنطقة جزين أي في المناطق المسيحية يصل الى 830 ألفًا.

وطلبت جعجع من وزير الداخلية مساعدة البلديات عبر التعاون مع القوى الأمنية على تطبيق المراسيم السابقة الصادرة عن الوزارة التي تعنى بآلية تنظيم الوجود السوري، لا سيما وأن لبنان ليس بلد لجوء بحسب القوانين الدولية بل بلد عبور.

بالتوازي وفي مؤتمر صحافي عقده، أعلن المولوي أن 300.000 فقط من السوريين الموجودين على أرض لبنان يحملون إقامات شرعية و800.000 مسجَّلون فيما يبلغ عدد المقيمين بصورة غير شرعية وغير المسجَّلين مليون و200 ألف لاجئ.

واللافت أن الكتاب الذي كان وجّهه منذ أيار 2023 إلى المحافظين ومن خلالهم الى القائمقامين والبلديات والمخاتير في القرى التي يتواجد فيها نازحون لإطلاق حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين والقيام بتسجيل كل المقيمين منهم ضمن نطاقه بقي غير ساري المفعول إلى أن وقعت جريمة سليمان وبدأ الحراك على ملف النازحين السوريين. كما طلب إلى كافة المخاتير عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة لأي نازح سوري قبل ضم ما يُثبت تسجيله، والتشديد على عدم تأجير أي عقار لأي نازح قبل التثبّت من تسجيله لدى البلدية وحيازته على إقامة شرعية في لبنان، إلى جانب إجراء مسح ميداني لكل المؤسسات وأصحاب المهن الحرة التي يديرها النازحون السوريون والتحقُّق من حيازتها التراخيص القانونية لذلك. ووجّه كتابًا إلى وزارة العدل آملا التعميم على كل كتّاب العدل بعدم تحرير أي مستند أو عقد لأي نازح سوري من دون بيان وثيقة تثبت تسجيله في البلدية.

 

المفوضية السامية تعترض

هذه القرارات “أزعجت” على ما يبدو مفوضية اللاجئين فكانت الخطوة المفاجئة من المفوض السامي والتي تجاوز فيها أصول التعاطي مع دولة ذات سيادة. فأرسلت كتابًا إلى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي طلبت فيه وقف الممارسات اللاإنسانية كما سمّتها واعترضت على التدابير التي اتخذتها الوزارة لجهة حجز الدراجات التي يقودها نازحون من دون أوراق ثبوتية. كما اعترضت على الدور الذي تقوم به البلديات تنفيذًا لمقررات وزارة الداخلية لجهة التثبّت من أوراق المقيمين في المنازل ضمن نطاق كل بلدية وإقفال المحال التي يديرها نازحون سوريون بطريقة غير شرعية.

قرار المفوضية “السامي” أثار ضجة في الأوساط اللبنانية، خصوصًا أنه يعترض على الإجراءات القانونية التي تقوم بها البلديات إنفاذا لمقررات وزارة الداخلية،  وكشف عن أسباب البعد غير المسبوق الذي تمثل هذا الأسبوع بتحرّك نيابي مباشر استهدف وقف ممارسات المفوضية التي بدأت تتخطى دورها بتمويل بقاء السوريين في لبنان. واقترن هذا التحرّك بتهديد يتمثل بإمكانية الطلب من الدولة اللبنانية إقفال مكاتب المفوضية في بيروت.

ارتفاع وتيرة الاحتجاجات ضد المفوضية وصل إلى وزارة الخارجية. وعلى أثر لقاء جمع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وممثل مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فرايجسن سحبت المفوضية الكتاب الذي كانت وجّهته إلى وزارة الداخلية بناء على طلب بو حبيب ولفتت إلى «أنها تواصل إلتزامها بكونها شريكًا داعمًا وشفافًا في لبنان”.

 

البحر أمامكم!

نعود إلى “العرض” الذي قدمه نصرالله بفتح البحر أمام النازحين “لتسهيل” عملية خروجهم من لبنان إلى إحدى الدول الأوروبية قال! فهذا الطرح يحمل في طياته أهدافا تخدم جبهة النظام السوري وفريق الممانعة وتتمثل بالضغط على الإتحاد الأوروبي لرفع قيمة المساعدات بدليل طرح نصرالله المعادلة التالية: “إما البحر أو 20 مليار يورو وليس مليار”. وإذا كان ثمة حل، فعلى نصرالله أن يطلب من عناصره الخروج من مناطق حمص والقصير والقلمون والزبداني، علما أن النازحين من القصير كانوا يقطنون في خيم مما يعني أن لا منازل لهم في حال عودتهم.

وبحسب الإحصاءات، فإن الفئة المعارضة من النازحين لا تزيد نسبتها عن 20 في المئة وهذه فقط تنطبق عليها مقولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنه “لا يمكن عودة النازحين إلى بيوتهم لأن من شأن ذلك أن يشكّل خطرًا على حياتهم، ولبنان وقّع على اتفاقات دولية بعدم تسليم مطلوبين”. مما يعني أن هناك حوالى 80 في المئة من النازحين المصنّفين في فئة اقتصاديين وهم يدخلون إلى سوريا وتحديدًا القرى والبلدات الخاضعة للنظام.

بالتوازي فإن التهويل بحصول شحّ في اليد العاملة، لا سيما في الأعمال الزراعية تحديدا، وقطاع البناء وأعمالًا أخرى، فهذا الأمر لم يعد مقنعًا ولم يعد يجدي نفعًا، خصوصًا الحجة بأن اللبناني يرفض النزول إلى الأرض والعمل في القطاعات المهنية التي يؤديها النازح السوري. فثمة الكثير من اللبنانيين وتحديدًا في مدينة طرابلس وعكار وحتى في مناطق داخل محافظتي جبل لبنان والمتن عاطلين من العمل ويمكن لهؤلاء أن يملأوا الفراغ الناتج عن ترحيل السوريين المقيمين بطريقة غير شرعية على الأراضي اللبنانية، لا سيما الفئة التي لم تتوافر لديها الظروف الاقتصادية لإكمال تعليمها ونيل الإجازات.

 

بيانات وأرقام متضاربة

خلال مؤتمر عُقد في آذار الماضي في المقرّ العام للمديرية العامة للأمن العام من تنظيم وزارة الداخلية لإطلاق خارطة طريق لتنظيم الوضع القانوني للنازحين السوريين وآلية عودتهم، قال اللواء الياس البيسري: “تسلّمنا أخيرًا قاعدةَ بياناتٍ من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهي كناية عن 1486000 نازح، من دون تصنيف أو تحديد لتاريخ التسجيل أو الدخول إلى لبنان، ما يُعقّد تحديد الوضع القانوني لهؤلاء. وفي الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن المفوضية العليا انخفض عدد المسجَّلين منذ العام 2015 وحتى اليوم الى نحو 785000 نازح. ما يعني تضاربًا في الأرقام وعدم قدرة على تحديد رقم صحيح للاجئين في ظل عدم القدرة على إجراء مسح شامل لهم”.

في المؤتمر أيضا كانت هناك أرقام أكثر صادمة، إذ تبيّن بحسب دراسة لمؤسسة “بيت لبنان والعالم” أن لبنان هو البلد الأوّل في العالم من حيث عدد النازحين مقارنةً بعدد السكان، وهذا الأمر يهدد الأمن والهوية، ومقابل كل لبنانيَّين موجودَيْن في لبنان هناك نازح سوري، ومقابل كل ولادة طفل لبناني هناك 4 ولادات لأطفال سوريين من دون أوراق ثبوتية.

باختصار اللبنانيون يزيدون واحد في المئة سنويًا، بينما النازحون السوريون يزيدون 4 في المئة سنويًا. ووفق هذه النسب، ستتساوى أعداد النازحين السوريين بأعداد اللبنانيين في المستقبل المنظور. أما تكلفة النزوح المباشرة على لبنان فهي بحدود مليار ونصف المليار سنويًا وفق البنك الدولي، فيما الكلفة غير المباشرة 3 مليارات دولار أي ما مجموعه 4 مليارات ونصف المليار في السنة. ما يعني 58 مليار دولار خلال 13 عامًا.

 

النظام يبتز والحكومة ترضخ

مفاجئًا كان الموقف المفاجئ الذي سجله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بحسم مسألة عدم مشاركته في مؤتمر بروكسل وذلك بعد اتصال الرئيس بري ومناقشته إياه حول تمثيل لبنان بوفد يرأسه وزير الخارجية عبدالله بو حبيب. لكنه يعبّر ضمنا عن رفض “تغييب” سوريا عن المؤتمر وموقف الإتحاد الأوروبي تجاه مسألة النازحين في لبنان. وهذا الرفض يحمل بعدين: سياسي ابتزازي، بمعنى أن بشار الأسد يستخدم هذا الملف للضغط على السلطة اللبنانية. أما البعد الثاني، فهو ديموغرافي لأن النظام يدرك أن غالبية النازحين من مناطقه يعارضونه بشدة ولو أنه استدرج عددًا كبيرًا منهم تحت الضغط لإعادة انتخابه كما حصل سابقا وكما سيحصل قريبا بالنسبة إلى الإنتخابات التشريعية في مناطق النظام السوري.

والواقع أن النظام لا يبتز اللبنانيين وحسب، إنما أيضًا العرب وأوروبا وكل مرجعيات ذات وزن في مسألة العقوبات الاقتصادية، خصوصا “قانون قيصر” ومسألة المساعدات وما سيتبعها من إعادة في المناطق السورية المهدمة. فهل يرضخ المجتمع الدولي أو يتجاوز حدود الابتزاز؟

 

“حساب اللجوء” على مر تاريخ لبنان

منتهى القول أن لا عامٌ واحد من سيرة لبنان، سواء من دولة لبنان الكبير1920 أو لبنان الاستقلال عام 1943، أو ما بعدهما إلا ويُطلب أن يُقطع من حساباته الكثيرة “حساب اللجوء”. والأكيد أن افتقاد لبنان لتشريعات ترعى اللجوء يشكل جزءًا من أزمات اللجوء.

ففي ما يتصل باللجوء الفلسطيني، هناك جملة من المواقف والتطوّرات التي تجعل من مطالبة السلطات اللبنانية بحق العودة ذريعة للاستمرار في تدبّر اللجوء الفلسطيني في لبنان على النحو الذي اعتُمد طيلة العقود الماضية، وعلى النحو المعمول به. هي سياسة أقل ما يُقال فيها بأنها سعيٌ لتأجيل الاعتراف بـ”الأمر الواقع” الذي يقول بأن عددًا من اللاجئين الفلسطينيين باقون في لبنان إلى ما شاء الله أو إلى أن يقضي الله أمرًا أو لا يقضي!

وبالنسبة إلى النزوح السوري، فالآمال المؤمّلة بالعودة الطوعية سريعًا إلى بيوتهم تبدو خارج أطر الواقع المرجو منه. فمن يقرأ في سطور “خطط الاستجابة” لأزمة اللجوء السوري في لبنان سواء أكانت تلك التي تضعها الحكومة أو تلك التي يقترحها “المانحون” يتبيّن أنها لا تنظر إلى النزوح السوري على أنه أزمة موقتة، إنما مسترسلة حتى إشعار آخر، كما يتبيّن أن خطاب التذمّر السياسي من هذا النزوح في وادٍ، وخطاب حساب أكلاف النزوح وحساب تقديرات استفادة لبنان منه على الورقة والقلم في مكانٍ آخر.

مما تقدم يمكن ملاحظة أن عددًا من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باقون ما لم تفتح أمامهم أبواب الهجرة إلى بلدان أخرى، وهذا الواقع ينطبق على النازحين السوريين ما لم تفتح أمامهم أبواب الهجرة بحرًا أو جوًا لا فرق. وفي الانتظار تبقى الأخطار الأمنية سيد الموقف. وأولى شرارات المخططات الأمنية التي بدأت تُحاك في الخفاء لتحريك الخلايا الأصولية النائمة تحت شعار “نصرة النازحين السوريين” انطلقت في 17 أيار الماضي وتحديدًا من مدينة طرابلس.

فعلى منشور يُبرز صورة نازح سوري دعا “حزب التحرير ولاية لبنان” لاعتصام تحت عنوان “النازحون إخواننا” وذلك بعد صلاة يوم الجمعة. الاعتصام نفسه كان كان مقررًا في بيروت وتحوّلت وجهته إلى عاصمة الشمال طرابلس، على أن يتوجه المعتصمون من الجامع المنصوري الكبير باتجاه السراي الحكومي حيث سيكون الاعتصام في الجهة المقابلة له.

وصحيح أن الاعتصام ألغي بأمر من المحافظ بعد إعلان “الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي السوري” عن تظاهرة مضادة في نفس المكان والتوقيت، لكن على ما يبدو أن هناك “قبة باط” أمنية للسماح بتنفيذ هذا الاعتصام وهنا خطورة الأمر.

وفي ما خص الجهة الحزبية التي أعلنت عن هذه التظاهرة “لنصرة النازحين”، فإضافة عبارة “«ولاية لبنان” على إسم حزب التحرير لا تعني لبننته، لأن مفهوم “ولاية” يعني أن  القيّمين على الحزب يعتبرون لبنان جزءًا من عقيدتهم الدينية”. وتتمثل خطورة الدعوة في الربط بين مكوّن حزبي تنظيمي “لبناني” بحسب الترخيص المعطى له، مما يخوّله التحرك بأريحية والعمل على تنظيم النازحين السوريين ضمن مجموعات سواء كانوا من أتباع أو مؤيدي النظام أو من المعارضين له لأن الفئتين تعتبر نفسها بعد اليوم متضرّرة من القرار اللبناني بترحيلهم”.

من هنا الخشية أن تكون الدعوة المبطنة تخفي في طياتها مخططًا ما لتحريك الخلايا الأصولية النائمة وإخراج سلاح النازحين من المخيمات في وجه القوى الأمنية من أمن عام وجيش لبناني المولجة في تطبيق القوانين والإجراءات الصادرة عن وزارة الداخلية بحق النازحين السوريين. ونستعيد في هذا السياق كلام وزير المهجرين الذي كان أعلن منذ فترة وجيزة أن هناك 20 ألف نازح مسلّح في المخيمات. والأرجح أن العدد أكبر من ذلك لكن التكتم عن الحقيقة ضروري لتفادي أي انفجار أمني أو مواجهة بين المواطنين والنازحين السوريين. لعل ساعة الصفر لإطلاق الرصاصة الأولى التي قد تؤدي إلى اندلاع ما لا تُحمد عقباه لم تحدد بعد.

الأكيد أن عقارب الزمن لا تدور إلى الوراء، ولبنان الذي وُضعَ تحت وصاية النظام السوري وثار ناسه عليه في العام 2011 فكان من مفاعيل ما تدحرجته هذه الثورة أن التجأ الآلاف من السوريين إلى لبنان.

يبقى السؤال، هل جاءت المرافعة عن الدعوة لإقامة مخيمات لإيواء النازحين السوريين متأخرة أم أنه من شأنها أن تردّ شبح تهديد السلم الأهلي؟ لن نقول الدعوة متأخرة إنما أن تأتي متأخرة أفضل من ألا تأتي مطلقا. وإلا لا معنى اليوم عمليًا وموضوعيًا لأية دعوة من هذا القبيل إذا كانت “مضافًا إليه” وحسب.

 

إقرأ أيضًا

 

“المسيرة” ـ  العدد 1753

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل