الحكومة إن حزمت أمرها: “لا لقرارات الحزب الخاطئة”

حجم الخط

الحزب ـ مجلس الوزراء

في ظل القرار الذي اتخذه “الحزب” بالانخراط في المواجهات التي بدأت على الجبهة الفلسطينية اعتبارًا من الثامن من تشرين الأول 2023، على ما أعلنه أمين عام “الحزب”، قد يظهر للبعض أن معارضي هذا الانخراط هم من طائفة معينة أو حزب معين أو فئة بعينها، وهذا ما جهد “الحزب” وحلفاؤه في الممانعة وإعلامه، على إظهاره وتظهيره لتسهيل استهداف رأس حربة المعارضين المعترضين، والتمهيد لعزله وإنهائه، لينهي معه وبعده أي محاولة لاستعادة ما تبقى من دولة تحزم أمرها بوجه من يأخذ عنها قرارات خاطئة مميتة.

لم يكن قرار مساندة حركة ح. وفلسطين الخاطئ الذي أدى الى ما نشهد عليه من خسائر وويلات على الجنوب وما يُخشى أن نشاهده ونعيشه على كامل الأراضي اللبنانية، هو الأول من نوعه في خيارات “الحزب” السيئة المكلفة، إذ سبق أن أدان “الحزب” بشخص أمينه العام نفسه عن الخطيئة التي ارتكبها بـ”لو كنت أعلم”، شأنه شأن المعترضين يومها على تلك المغامرة ومن ضمنهم على سبيل المثال لا الحصر حزب “القوات اللبنانية”… يومها اعترض كذلك، رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة بعبارة “الدولة آخر من يعلم وأول من يطالب”.

قد يعتقد معتقد أن تشخيص حزب “القوات اللبنانية” للأحداث الجارية على الأرض الجنوبية والذي لطالما عرض معالجتها رئيسه سمير جعجع بـ”أن تحزم الحكومة اللبنانية أمرها برفض مصادرة الحزب لقرارها في الحرب والسلم، هو من باب التبسيط”، وضربًا من ضروب المستحيلات البعيدة عن التنفيذ والتطبيق… الا أن منطق الدولة والقانون والدستور الذي يُعطي للحكومة اللبنانية الحق الحصري باتخاذ قرار الحرب بثلثي أعضائها كما ورد في المادة 65 من الدستور،  هو الإطار الطبيعي للتطبيق أو أقله لطرح الصوت الرسمي الرافض لانتهاك القوانين والسيادة لمصالح لا تمت بالمصلحة الوطنية العليا والدنيا بأي صلة.

تأكيدًا على ما نقول ونفيًا لما يروّجه “الحزب” عن أن المسيحيين وأحزابهم “القليلي العدد” هم فقط من رفضوا ويرفضون خوض الحروب بقرار حزبي خاطئ، نعود الى تاريخ 14 نيسان 2001 عندما قام “الحزب” بعملية في مزارع شبعا سقط فيها جندي إسرائيلي وعلى الرغم من أن لبنان كان تحت الاحتلال السوري ودولته وحكومته تحت نير وصايته، كان لرئيس الحكومة اللبنانية الشهيد رفيق الحريري رأي حازم رافض صريح شجاع، عبّرت عنه صحيفته “المستقبل” في اليوم التالي للعملية في مانشيت الصحيفة تحت عنوان “مزارع شبعا: عملية التوقيت الخاطىء”، ونقرأ من متن المقال بعضًا من المقتطفات ذات الدلالات:

“الحكومة لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج إزاء أفعال يمكن لها – مهما سمت دوافعها ومقاصدها – أن تنعكس سلبًا على مصالح اللبنانيين”.

“هل أن القرار بتنفيذ هذه العملية هو قرار حكيم وتوقيتها توقيت متناسب مع مصالح لبنان العليا”؟

“هل الظروف التي يواجهها لبنان اليوم تحتمل عملية من هذا النوع مع ما يمكن أن ينجم عنها من تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية؟”.

“إن انتصار الانسحاب (الإسرائيلي) هو ملك اللبنانيين جميعًا، كذلك الحفاظ عليه، ولا يجوز لفئة منهم أن تقرر نيابة عنهم أي خطوة من شأنها أن تفك الإجماع الوطني الذي أنتجه”.

“ما هي الحسابات الداخلية والخارجية التي استندت اليها في قرارها تنفيذ العملية أمس، وما هي الفائدة التي رأتها فيها بالميزان الوطني للربح والخسارة”؟

“هل مقومات الإجماع الوطني متوافرة لهذه العملية وهي كانت متوافرة للعمليات السابقة لتحرير الجنوب”؟

“مسؤولية الحكومة في هذا المجال لا تقل أبدًا عن مسؤوليتها في تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة”.

“مطلوب أن تكون جهوزية المقاومة عنصرًا إيجابيًا في استراتيجية الدولة لتحرير الأرض المحتلة… لا عاملاً معرقلاً ـ ولو من غير قصد ـ لاستراتيجية الدولة هذه”.

“الأسئلة الصريحة وربما الفجة تحتاج إلى أجوبة صريحة واضحة وعاجلة تتلاءم مع دقة المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة وحساسيتها”.

 

لا شكّ أن المقال المشار اليه أثار عاصفة من الهجومات والتهديدات والاتهامات وهدر الدم، طالت الصحيفة وتيارها والحكومة ورئيسها، قام بها يومها النظام الأمني السوري اللبناني بالتضافر والتضامن مع الأحزاب المنضوية تحت لوائه وعلى رأسهم “الحزب”  الذي لم ينفك يومًا على معارضة الرئيس الحريري حتى الموت، كما عمد الى عرقلة مسيرته السياسية والاقتصادية، فـ”توقيت العملية الخاطئ” كان بعد مؤتمر باريس 1 بأسابيع قليلة، وكانت حكومة الحريري وإدارات وزاراتها مشغولة بمناقشة تنفيذ مقرراته والتحضير لباريس 2، كما كان “التوقيت” قبل استقبال الرئيس الأميركي جورج بوش للرئيس الحريري في 24  نيسان في البيت الأبيض للبحث في سبل السلام وانعاش الاقتصاد اللبناني.

طبعًا من قرأ في ثنايا المقال الافتتاحي لصحيفة “تيار المستقبل” السنّي، رأى تطابقًا وتطبيقًا لما تعلنه وتسأله القوى المعارضة للحرب حاليًا عن انعكاسها على اللبنانيين اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وحياتيًا، كما رأى انحيازًا للدولة اللبنانية ومنعتها أمام المغتصبين والمغامرين، ودرسًا لرئيس الحكومة الحالية، إن أراد أن يتعلّم ويعتبر ويحزم أمره في ممارسة صلاحية حكومته وسلطتها.

من ضمن التساؤلات – الاتهامات التي أوردتها صحيفة “المستقبل” في عملية شبعا في 2001 وتكرار ما يماثلها من قرارات خاطئة وصولًا الى واقعنا الحالي، يُطرح السؤال الطبيعي في هذا المجال، “هل نحن أمام قرارات ناتجة عن عدم كفاءة أو قلة خبرة أو ضعف ذكاء، إذا افترضنا حسن النية، أم نحن أمام سوء نية في تعمّد اتخاذ القرارات الخاطئة المتعاقبة؟ ومنها نخلص الى أن “الحزب” مدان بعد أكثر من تجربة وامتحان.

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل