كتب سيمون سمعان في “المسيرة” ـ العدد 1754
أثبتت بلدية حصرون أنها من البلديات الناجحة على أكثر من مستوى في العمل البلدي، سواء لناحية مشاريع التنمية والري وجرف الثلوج والمبادرة إلى كل ما يثبِّت أبناء البلدة في أرضهم، أو النشاطات السياحية الصيفة منها والشتوية. وكذلك مهرجان الزهور الذي بات ماركة مسجّلة ذائعة الصيت عالميًّا، كما يقول رئيس البلدية جيرار السمعاني. ولدعم طموحات الشباب رجال الغد، تمّ تأسيس مجلس بلدي شبابي لإشراكهم في العمل العام والإفادة من طاقاتهم في توفير عمل بلدي مميّز. وعلى الرغم من الضائقة الاقتصادية من جهة وانحلال الدولة ومؤسساتها من جهة ثانية إلا أن بلدية حصرون نجحت في سد هذا الفراغ بدءًا من تنظيم النزوح السوري وصولاً إلى توفير التمويل اللازم للمشاريع الملحّة، التنموي منها والترفيهي والإنساني…
يبدأ رئيس بلدية حصرون جيرار السمعاني حديثه لـ”المسيرة” في موضوع النزوح السوري وتنظيم العمالة السورية في لبنان، ويقول “إنّ بلدية حصرون كانت من أولى البلديات التي اهتمت بشكل كبير بهذا الموضوع وأصدرت التعاميم اللازمة لذلك وتابعت التطبيق كما يلزم من العمل إلى السكن والتنقل. ومنذ العام 2018 تنظم بلدية حصرون النزوح السوري في نطاقها فتمنع مثلاً إقامة المخيمات، أو تحويل المحلات إلى أماكن سكن، والتأكد من مطابقة أماكن السكن للشروط الصحية واحتوائها العدد المحدد من القاطنين ضمن الوحدة السكنية الواحدة. ويمكننا القول إن الوجود السوري منظّم في حصرون.
لكن ثمة مشكلة وحيدة هي شرعية وجود الغالبية منهم كونهم موجودون بموجب تصريح نزوح من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أي أنه لا يحق لهم العمل، وباتت إقامتهم اليوم تتطلّب تصريحًا من الأمن العام. أما بعد صدور قرار وزير الداخلية والبلديات بهذا الخصوص فقد بادرت بلدية حصرون إلى إصدار تعميم تطبيقي وأعطت مهلة للمعنيين انتهت في 15 أيار الماضي. وقد رفعنا كتاباً إلى قائمقام بشري يتضمن أسماء المقيمين في نطاق البلدية وأوضاعهم وأعدادهم وأماكن سكنهم وأرقام هواتفهم”.
ولفت إلى أنه بوجود دولة مركزية وفاعلة كانت على البلديات أعباء كبيرة ومتعددة فكم بالأحرى بغياب الدولة وانحلال أجهزتها وغياب قدراتها على التدخل في أي موضوع تعاني منه البلديات. ولهذه الأسباب اضطُرت البلديات بعد الأزمة إلى تحمّل أعباء كبيرة جداً، ولكنها برهنت عن حسن إدارتها للأمور وعن قدرتها على تلبية احتياجات الناس وتطلّعاتهم أكثر بكثير مما تقدّمه السلطات المركزية. فالبلديات كانت قادرة على التشبيك مع المجتمع الدولي ومع اللبنانيين المنتشرين ما يمنحها القدرة على تأمين استمرارية العمل البلدي.
وتابع: نحن في حصرون وبالتعاون مع الجاليات الحصرونية في الاغتراب تمكّنا من تأمين دعم للبلدية وتخطينا كل المراحل الصعبة حتى اليوم. تمكّنا مثلاً من تأمين دعم بموضوع جمع النفايات وترحيلها. ليكون هناك فكرة واضحة للقارئ فإن ما تحصل عليه البلدية من الصندوق البلدي المستقل يكفي لشهر واحد لجمع وترحيل النفايات. لذلك فمن البديهي القول إن اللامركزية أمر مهم جدًّا للعمل البلدي اللهم أن تكون لدى من يدير البلدية الخبرة والتصميم والرؤية الصحيحة ليتمكن من العمل الناجح في الإطار العام الصحيح. وفي المقابل بغياب هذه الخبرة والرؤية يتحوّل العمل اللامركزي من منفعة إلى آفة. والحمد لله أننا في بلدية حصرون لدينا كل هذه المعطيات والإمكانيات وقادرون من خلال اللامركزية أن نفعِّل عملنا أكثر وأن نلبي حاجات الأهالي في شكل أكبر وأفعل، وأن نستنبط حلولاً لكل المشاكل التي يعاني منها الناس. مثلا هناك أزمة أساسية كانت تعاني منها حصرون هي قضية المياه، وبسبب بطء الدولة وعجزها أحيانًا، بادرت البلدية في العام 2017، أي مباشرة بعد تسلّم المجلس البلدي الحالي مهامه، إلى حفر بئر مياه وحلت هذه المشكلة.
أما عن موضوع التكريم الذي نالته البلدية من قبل المركز العالمي للتنمية والثقافة والسلام، تقديرًا لنشاطاتها المميّزة وإسهامهما في نشر ثقافة التنمية والسلام وإبراز الصورة المتألقة التي تجلّت في تنظيم مهرجان الزهور، فيرى السمعاني أنّ أهمية هذا التكريم في أنه صادر عن جهة بعيدة عن حصرون وعن قضاء بشرّي، وأنّ الجهة المكرِّمة لمست أهميّة العمل البلدي الذي تقوم به بلدية حصرون إن كان على الصعيد الثقافي أو السياحي أو على الصعيد التنموي داخل البلدة. من هنا كانت أهمية هذا التكريم الذي جاء بمثابة اعتراف من منظمات بعيدة بأهمية الدور الذي تلعبه بلدية حصرون وخصوصاً مهرجان الزهور الذي بات ماركة مسجّلة لحصرون. فكل من عرفنا أو زارنا أو شاركنا مرة هذا الاحتفال عندما يرى صور الشماسي في أي مكان من العالم يقول: هذه حصرون!
تراكم نجاحات المهرجان عامًا بعد عام أدى إلى أن يجمع العام الماضي أكثر من 120 عارضًا نصفهم من حصرون. واستطعنا أن نخلق آفاقاً جديدة ومساحات مستحدثة ليتمكن أهلنا من بيع منتوجاتهم ويحققوا بعض المردود وسط هذه الأزمة الاقتصادية الصعبة. بالإضافة إلى أن الحركة السياحية كانت ناشطة فكل فنادق حصرون كانت محجوزة بالكامل وكذلك فنادق المنطقة حتى. واستقطب المهرجان أكثر من 20 ألف زائر على مدى أيامه الثلاثة. والإيجابية التي يجدر التطرق إليها أن الزوار يأتون إلينا من كل لبنان من الجنوب والبقاع والجبل وبيروت وطبعا الشمال.
واعتبر السمعاني أن هذا النجاح الذي أدى إلى نمو الاستثمارات السياحية في حصرون من فنادق وبيوت ضيافة وسناكات وغير ذلك، زاد مسؤوليات المجلس البلدي للمحافظة على هذا المستوى من النجاحات، وهو يتطلّب منّا بذل المزيد من الجهود ليبقى مهرجان الزهور بهذا القدر من النجاح. وهذا ما نقوم به تحضيرًا لمهرجان العام الحالي بحيث يكون مهرجاننا متطوّرًا ومميّزًا أكثر من العام الماضي. وقد بدا النجاح المرتقب لمهرجان الصيف الحالي من الحجوزات الكاملة التي انتهت في غضون أسبوع من الإعلان عن المهرجان.
وعن طبيعة العمل البلدي في حصرون أكد أنه عمل تشاركي مع الجميع لما فيه مصلحة الجميع. فعملية التطوير والتحديث والتنمية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تراكمات تنموية طويلة الأمد. ويُبنى على هذه التراكمات لتحقيق نهوض إنمائي يطال البنيان المجتمعي العام. ومن أبرز المشاريع التي حققناها:
بئر إرتوازية بتمويل من جمعية حصرون في سيدني بلغ 63 ألف دولار. كما أمنت بلدية حصرون مولّدًا خاصًّا للبئر وأمنت التمويل لثمن المازوت من المغتربين. كما تم حفر بئر ممول من وزارة الطاقة والمياه بعمق 432 مترًا وقدرة تشغيلية تصل إلى 1400 متر مكعب في ال 24 ساعة.
أما في خصوص مياه الري فقد رمّمت بلدية حصرون وفور استلامها مهامها في أيار 2016 بركة غيمون وفق أفضل الشروط الهندسية واستحدثت 10 ألاف متر طولي من القنوات الزراعية. كما تم إعداد دراسة لبركة مياه ثالثة.
شراء مشروع المولدات الكهربائية مع الشبكات التابعة له عام 2017 وتأمين التغذية الكهربائية بكلفة أرخص وساعات تغذية أفضل.
يُضاف إلى ذلك: مركز الرعاية الصحية الأولية، مشروع ترميم السوق التراثي، نشاطات دينية، تأهيل طريق مشاة من حصرون الى الوادي المقدس، تحقيق تصنيف حصرون من أجمل بلدات لبنان، إنجاز المشروع النموذجي لزراعة النباتات العطرية، إضافة الى عدد كبير من المشاريع الصغيرة. إضافة الى تأسيس لجنة المرأة، التي وفي إطار الشراكة بين بلدة Chambéry الفرنسية وبلدية حصرون، غادر مطلع حزيران الفائت وفد يضم رئيسة لجنة المرأة في البلدية رنا لويس السمعاني وعضو البلدية جويس واكيم مرعب للمشاركة بفعاليات مهرجان الربيع الذي يُقام في Chambéry، ويصبّ هذا التعاون في استمرار دعم مهرجان الزهور ويفتح آفاق تعاون لمشاريع أخرى.
وبالنسبة إلى إجراءات فصل الشتاء قال: هو فعلاً صعب على أهالينا كون حصرون ترتفع 1450 مترًا عن سطح البحر. ولذلك فمن أولويات البلدية السعي لتخفيف هذه الصعوبة عن كاهل أهلنا، وهي تسعى سنويًا بما أوتيت من قدرات ووسائل لجرف الثلوج ورش الملح لتخفيف الجليد، وتلبية ما يستجد أثناء هذا الفصل القاسي من احتياجات. ولا يقتصر العمل على الجانب المعيشي إنما نواكب الأعياد بتحضيرات ملائمة كعيدي الميلاد ورأس السنة وعيد الفصح، لإبقاء جو الفرح مسيطرًا على الرغم من الصعوبات.
ووصف التعاون مع اتحاد بلديات قضاء بشري بأنه مثمر وبأن الإتحاد هو نموذج عن التضامن، خصوصًا أننا بمجملنا من الجو والمنطق نفسيهما. ولفت إلى أن اتحاد البلديات كما البلديات نفسها يعاني من الأزمة المستفحلة حاليًا، لكن هذا لا يمنع أن هناك نجاحات كبيرة تتحقق. فالجميع متكاتف لإنماء قضاء بشري من النواحي كافة السياحية والمعيشية والبيئية والتنموية.
وتطرّق السمعاني إلى النشاطات الرياضية التي تحييها البلدية صيفاً لافتًا إلى أن بلدية حصرون وعلى الرغم من كل الأزمات المتراكمة، تسعى إلى تأمين تمويل لإقامة نشاطات رياضية كون الرياضة عاملاً مساعدًا للشباب وللصحَّتين البدنية والنفسية. هذا إضافة إلى تشجيعنا أي نشاط شبابي في البلدة، وقد تسلّمنا مهامنا بادرنا إلى إنشاء مجلس بلدي شبابي. طبعًا خفّت النشاطات في مرحلة انتشار جائحة كورونا مترافقة مع الأزمة الاقتصادية، لكن عاودنا نشاطنا على أبواب الصيف الحالي وستتم إعادة تنشيط المجلس البلدي الشبابي لتمكين شبابنا من أن يكونوا على تماس مع الشأن العام والعمل البلدي ووضع رؤاهم وإمكانياتهم وحبهم لبلدتهم برسم الترجمة العملية. وهذا ما ينمّي انتماء الشباب أكثر إلى قريتهم. ونحن كبلدية سنبقى دائمًا إلى جانبهم لتحقيق كل طموحاتهم.
كتب سيمون سمعان في “المسيرة” ـ العدد 1754
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]