تجنيد وتدجين “عَوني الممانعة” بقلم عوني الكعكي

حجم الخط

في مفارقة صادمة للبعض المؤيد للممانعة و”الحزب” الرأس المدبّر لها ولأغلب المعارضين لها،  تتقدم أولوية النيل من الخصوم الداخليين المعارضين للتوجه الممانع، على المعركة المفصلية الكبرى وحتمية الحسم والانتصار فيها على العدو الإسرائيلي، لتتكثف الجهود والاستعدادات والتجهيزات على الصعد كافة وتُستَنفَر أدوات الضّخ الاعلامي ومكنات الفبركة والتضليل وتُستدعى الشخصيات من الاحتياط والسبات وتُبرى الأقلام ويوجّه الكتاب والمستَكتَبين، وآخرهم من طرأ كاتِبًا مُستكتبًا في  السياسة والأمن، بعد أن كان له الباع الطويل والانغماس الهوسي المصلحي  في الصحافة الفنية الفضائحية، ليصبح هدف هؤلاء وهذا الأخير واحد محدد، وموضوعهم حصري ومحصور في المعارضة ورأس حربتها “القوات اللبنانية” ورئيسها سمير جعجع، متقدمًا هدفهم هذا على الأهداف في نهاريا وكريات شمونة والمستوطنات والأراضي المحتلة.

يبقى السؤال ماذا جرى مع عوني الكعكي وكيف جنّدت ودُجّنت كتاباته؟ لنراه مدّاحًا لجلاديه بعد أن كان حتى الأمس القريب حرًّا سياديًا استقلاليًا مهاجمًا مفندًا كاشفًا عورات من يدافع عنهم اليوم، وليصبح شتّامًا لمنتقدي الممانعين وعلى رأسهم “القوات اللبنانية” بعد أن كان حتى الأمس القريب معجبًا مبجلًا مقدّرًا مقلّدًا لمواقف رئيسها سمير جعجع.

اليوم مثلا يعتبر عوني الكعكي أن إيجابية سليمان فرنجية أنه حليف الثنائي الشيعي “الذي هو بالفعل الحاكم الفعلي للبلد خاصة في وجود السلاح”. هنا يقوم الكعكي في 20 نيسان 2015 بالرد على “العوني” المنقلب على موقفه المبدئي في مقال حمل عنوان “اسمحلنا يا شيخ قاووق”، عن إيجابية “وجود السلاح”: “إن اعتبار قاووق ما يجري في اليمن اعتداء على المقاومة والحزب، فهذه نظرية عصيّة على الإستيعاب، فما هي علاقة الحزب في اليمن؟ ما هي مصالحه هناك؟ ما أهميّة اليمن بالنسبة الى لبنان؟فهل إذا كانت  لإيران مصلحة في اليمن، بات للحزب أيضًا له مصلحة؟

وأخيرًا لا بد من التذكير فنقول: ليت الحزب يقدّم مصلحة اللبنانيين على مصلحة إيران، بمعنى آخر إذا كانت هناك بعض الرواتب التي يتقاضاها الحزب من إيران، فنسبة القابضين قليلة، بينما هناك 500 ألف عائلة تسترزق من السعودية والخليج، وهؤلاء تسيء إليهم مواقف الحزب الذي نتمنى أن يكون لبنانيًا مرّة واحدة… ويكفينا انخراطه بأحداث سوريا والعراق، وتكفينا عملياته في بلغاريا ومصر والكويت… ولا نعلم الى أين سيقود قاسم سليماني الحزب”.

وعن إيجابية “وجود السلاح بيد الحاكم الفعلي وعن ضرورة الحوار في ظله، كتب عوني الكعكي في 18 حزيران 2020 تحت عنوان: “حوار مع مين حوار على شو؟  بكل تواضع نقول: إنّ هناك فرصة صغيرة للحوار، ولكن هناك شرطان لا بد من توافرهما كي يكون هناك حوار، أولاً: هل يُسْمَح لفخامته بحث الاستراتيجية الدفاعية؟ ثانياً: ماذا عن سلاح الحزب؟ نسأل أيضًا فخامته: هل يسمح الحزب ببحث قضية السلاح”؟

ليشرح عوني الأمس لعوني الممانعة اليوم إنجازات هذا السلاح، ففي 5 شباط 2021 كتب تحت عنوان: “قتلوه… قتلوه… قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً.

“اتهموه بأنه من شيعة السفارة الأميركية… للأسف إننا نعيش في بلد ليس له علاقة بالحريات، لا بالرأي، ولا بالرأي الآخر، هم لا يفهمون إلاّ بلغة السلاح… أما نحن فسلاحنا الكلمة الحرّة، نقول لهم وإلى كل الجبناء إنّ الكلمة الحرّة ستنتصر مهما قتلتم من الأحرار”، ليخلص وبمضبطة اتهام تدينه قبل أن تدين “الحاكم الفعلي” والرئيس الصوري المرغوبَين عند “عوني الممانعة” في مقاله في 26 تشرين الثاني 2021 تحت عنوان: “نعم السلاح دمّر لبنان، هل ما حصل في لبنان بدءاً باغتيال شهيد الوطن الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، إثر تفجير موكبه، يصبّ في مصلحة لبنان وشعبه؟ أو انه يصب في مصلحة المقاومة نفسها؟ وهل تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، بعد انتهاء عهد الرئيس إميل لحود في 23 تشرين الثاني عام 2007 هو عمل يعود بالخير على الوطن؟ هل شتيمة آل سعود شبه اليومية مِنْ قِبَل الحزب العظيم بدءًا بالسيّد حسن وانتهاء بأصغر مسؤول. والقول: الموت لآل سعود، هو لخير لبنان؟ هل السيطرة على مطار بيروت وتخويف السواح العرب هما أيضًا لخير لبنان واقتصاده؟ هل السيطرة على مرفأ بيروت وترك إسرائيل تقول بأنّ المرفأ أصبح تحت سيطرة الحرس الثوري وأصبح هدفًا عسكريًا لها، هل هذا في مصلحة المقاومة وفي مصلحة الوطن؟ أؤكّد للمرة الثانية بأنّ سلاح المقاومة الذي استعمل في الداخل بالرغم من الوعد بعدم استعماله إلاّ ضد إسرائيل هو سبب كل علّة”.

ويردّ الكعكي على ما بشّرنا به “عوني” الممانعة في 11 شباط 2022 بمقال يقرأ من عنوانه “البطريرك يبني السيد يدمّر”، ليكذّب لاحقًا الصحافي السابق “صحّاف” حزب السلاح بمقال له في 21 كانون الثاني 2023 تحت عنوان “مشروع المقاومة أفلس لبنان”: “… وهنا أذكّر بالأمور التالية التي تسببت باهتزاز الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان. أولاً: حرب تموز التي كلفت لبنان حوالى 15 مليار دولار.. لقد تسبّب محور المقاومة بهذه الخسارة الفادحة بسبب لو كنت أدري. ثانياً: لقد قدّم الرئيس الشهيد للبنان باريس واحد وباريس 2… كما ساهم نجله الرئيس سعد الدين الحريري في وضع باريس 3 الذي حَمَلَ للبنان أكثر من 11 مليار دولار… وهنا نسأل: من عرقل مؤتمر باريس 3 ونتائجه.. ومن تآمر على الرئيس سعد الحريري وفركش نتائج المؤتمر؟ ثالثاً: محور المقاومة هو السبب… ولنأخذ مثلاً عن مشاريع المقاومة:

كيف كان العراق قديمًا؟ لقد كان من أغنى الدول وحتى في أيام صدّام حسين، وكيف صار اليوم فقيرًا، شعبه بحاجة الى مساعدات متواصلة، ويكفي انهيار العملة، كما يكفي انه بلد عنده دخل 110 مليار دولار من النفط والغاز فأصبح بدون كهرباء وبلدًا فقيرًا.

كيف كانت إيران نفسها قديماً أيام الشاه؟ وكيف هي اليوم شعبها محتاج والعملة الايرانية في انهيار تام، لقد كان الدولار يساوي في عهد الشاه 3 تومان فقط فصار اليوم يساوي 45 ألفاً. وكيف كان اليمن السعيد؟ وكيف هو الآن بسبب الحوثيين والتدخلات الايرانية؟ ونسأل ونسأل… وقد نحتاج الى مجلّد يوضح سبب ما وصلنا إليه من إفلاس وفقر مُدْقع”.

أما بالنسبة الى محاولات الترغيب والترهيب بالسلاح التي انعكست تدجينًا في السياسة كما كانت في الفن بحق الدكتور سمير جعجع وكأن بـ”عوني الممانعة” قد فاق المستَدعِين من التقاعد السياسي والصحافي والحزبي اليساري   في هذه المرحلة لنفس المهمة فبركةً وافتراءً وتضليلاً وتشويها، ليكون التصويب والابراء والتوضيح والتصحيح كما في ما سبق على لسان عوني الكعكي نفسه. ففي 26 نيسان 2014 ختم السابق في رده على اللاحق الملحق مقاله الذي عنونه “لماذا يخافون سمير جعجع” وبعد جولات وصولات في تفضيله الحكيم على بقية زعماء الميليشيات غامزًا من قنوات القضاء والسياسة والأمن والسياسيين الذين كانوا غطاءً لمحاكمة الحكيم، في حين أن “المرتكبين الحقيقيين” الذين ذكرهم الكعكي كانوا وما زالوا ينعمون بعطايا وخيرات الحكم والسلطات… بـ”أكرر السؤال: لماذا يخافون من سمير جعجع في الرئاسة؟ فأجيب بداهةً: لأنّ الرجل صاحب مشروع شامل قاعدته العدالة والديموقراطية ودولة القانون في وطن سيّد حر مستقل”.

أمّا في 19 حزيران 2017 فقد قال كعكي “السابق” بعد زيارته جعجع في معراب: “إن زيارتنا للدكتور جعجع هي لقاء مع زعيم لعب دورًا كبيرًا في أصعب المراحل سواء في المصالحة مع العماد ميشال عون التي أدت الى انتخاب رئيس بعد ثلاث سنوات من الفراغ أو في عملية الإنقاذ التي حصلت مؤخرًا في ما خصَّ قانون الانتخاب الذي هو من أصعب الأمور، فكما قال الرئيس نبيه بري أن أي خطأ دون موافقة من الجميع قد يؤدي بنا الى حرب أهلية، وبالفعل الدكتور جعجع لعب دور المنقذ للقانون الجديد، ولا شك أن هناك مؤيدين ومعارضين له ولكن الأهم أننا جنبنا البلاد من أصعب مرحلة كنا سنصل إليها”.

ليكتب لاحقا ممجدًا رئيس القوات بمقال في 12 أيلول 2017 يحمل عنوان “كلنا مع سمير جعجع”، يعلّق فيه بإيجابية وإعجاب مطلق على خطابه في ذكرى شهداء القوات، ومما كتبه مناقضًا “عوني السلاح”: “الكلمة التي ألقاها قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في معراب في القداس السنوي عن أنفس شهداء القوات لم تكن كلمة عادية بل كانت مشروع دولة بكل معنى الكلمة. أولاً: إلقاء مميّز يذكرنا بخطابات أحد الزعماء الكبار في الزمن الجميل للبنان، ثانياً: لم يترك قضية صغيرة أو كبيرة إلاّ تناولها وحللها بكل شفافية وبكل وضوح وصراحة، ثالثاً: كان يتحدّث كما يتحدّث معظم اللبنانيين الشرفاء الذين يعتبرون أنّ مصلحة لبنان فوق كل المصالح وليس لهم أي علاقة خارجية إلاّ إذا كانت لمصلحة لبنان أولاً… ليختم مقاله شاهدًا على شهادة عوني الكعكي الحالي بالزور بقوله: “فعلاً… هكذا فليتكلم القادة”.

باختصار شديد قالها بولس الرسول في رسالته الثالثة الى أهل رومية 13 ـ 14 في الكتاب المقدّس: “حناجرهم قبور مفتوحة، وعلى ألسنتهم يسيل المكر. سم الأفاعي على شفاههم وملء أفواههم لعنة ومرارة. أقدامهم تسرع إلى سفك الدماء والخراب والبؤس أينما ساروا طريق السلام لا يعرفون ولا مخافة الله نصب عيونهم”.

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل