ما هي الأسلحة التي يقاتل بها “الحزب” في الجنوب اليوم، ولا يمتلك الجيش اللبناني مثلها وأفضل منها بكثير؟. ما هو هذا السلاح السرّي العجيب الغريب الذي يُخفيه “الحزب” ولا يمتلكه الجيش، ولا يعرف أحد به، حتى يمعن هذا “الحزب” في التمسّك بسلاحه بحجّة أنه يمتلك أسلحة أحدث وأقوى وأكثر فعالية بمواجهة الاسرائيلي، على الرغمً من كل الخراب والفوضى والانهيار والاحتلال واختلال الموازين الذي استجلبه هذا السلاح على لبنان؟.
اين هي صواريخ أرض- جو بمواجهة عائلة “آل أف” بكل “أجبابها” وفروعها، من الـ 15 إلى ال 35؟. أين هي الكلمة الأخيرة واليد العليا “للمقاومة” في آخر جولة عسكرية كبرى نفذّها الطيران الاسرائيلي على مئات الأهداف في كل لبنان، قبل دقائق من وقف إطلاق النار أخيراً؟. أين هي الدفاعات الجوية بمواجهة المسيّرات وطائرات الاستطلاع التي “تُحزّك وتُمزّك” في طول لبنان وعرضه بدوام 24/24، أطول من دوام “إكبرس ابو العبد”، بلا رقيب او حسيب؟.
هل حفر الأنفاق والاختباء بداخلها ونصب الكمائن منها، هو عمل خارق للطبيعة يعجز عنه الجيش اللبناني مثلاً؟. ماذا يتطلب الأمر أكثر من حفّارة وبعض الخبرات الهندسية وتحديد المواقع الاستراتيجية للحفر؟. ألا يملك الجيش مئات المهندسين والاختصائيين الكفوئين بهذا الخصوص؟. ما هو هذا الاختراع العظيم للحزب يعني؟.
هل يمتلك “الحزب” عديداً أكثر من عديد الجيش؟. حتى لو سلّمنا جدلاً مع المرحوم نصرالله بأن لديه 100 ألف مقاتل، مع أن عدد الطائفة الشيعية في لبنان لا يسمح للحزب بامتلاك أكثر من 20 إلى 30 ألف متفرّغ كحدٍ أقصى، بينما لدى الجيش أكثر من 100 ألف جندي من كل الطوائف، بينهم 60 ألف عنصر مقاتل. ثم من أين للحزب 100 ألف مقاتل، وكل تعداد الطائفة الشيعية في لبنان لا يبلغ مليوني إنسان كحدٍ أقصى؟، هل كل إنسان شيعي هو عنصر مقاتل ومدرّب في “الحزب”؟، ألا يوجد للطائفة الشيعية الكريمة عملٌ آخر سوى التدرّب والسلاح والقتال وحفر الأنفاق والعمل كمحاربين في صفوف “الحزب”؟، ألا يوجد فيها كهول ونساء وأطفال وعجائز، وموظفون رسميون وغير رسميين؟، ألا يوجد فيها عناصر في الجيش والقوى الأمنية الشرعية؟، ألا يوجد مهاجرون وطلاب مدارس؟، ألا يوجد تجار وصناعيون وعمال وحرفيون وأساتذة مدارس ومزارعون؟، ألا يوجد معارضون للحزب ومنتمون إلى غير أحزاب؟..
حتى القوات اللبنانية في أوج قوّتها، وفي عزّ التعبئة الشاملة للمجتمع المسيحي والتجنيد الإجباري فيه سنة 1981-1982، وفي أوج قوة هذا المجتمع الديموغرافية قبل 43 سنة وصعود بشير الجميّل، لم يكن عديدها أكثر من 20 ألف مقاتل، وكانت بهم أقوى قوة عسكرية غير رسمية في الشرق الأوسط، وهو العدد ذاته الذي كان مشاركاً في حرب السنتين في أوج التعبئة المسيحية الشاملة دفاعاً عن الوجود والمصير.
بالتالي، من أين جاءنا السيد نصرالله بتلك الأرقام الخيالية غير الواقعية؟. ثم اين كان هؤلاء الـ 100 ألف مقاتل في الحرب الأخيرة، وكلنا يعلم أن الحرب في الجنوب كانت تخوضها مجموعات صغيرة مؤلفة من 4 إلى 5 أفراد على الأكثر، موزَّعة هنا وهناك! .
هل يملك “الحزب” دبابات ومدرّعات ثقيلة لا يمتلكها الجيش مثلاً، كلا، بل العكس هو الصحيح تماماً، فالجيش لديه آلاف الدبابات والمدرّعات والآليات الثقيلة، بيما جل ما يمتلكه “الحزب” هو “أسطول” من الموتسيكلات، والـ Atv والفانات وسيارات رابيد، وشاحنات لإطلاق الكاتيوشا.
هل يمتلك “الحزب” صواريخ مضادة للدروع لا يمتلكها الجيش؟. الجواب لا أيضاً، لأن الجيش يمتلك صواريخ ميلان وتاو وصواريخ هيلفاير2 وقاذفات اي تي 4، وغيرها من المنظومات الصاروخية الحديثة المضادة للدروع، كما شاهدنا بأم العين في معركة “فجر الجرود”، وسواها من المعارك، بينما لا يمتلك “الحزب” منها سوى ما تُصنّعه بقايا المنظومة الشرقية السابقة، ومعروف حجم التفاوت في التكنولوجيا العسكرية بين المنظومة العسكرية الغربية بقيادة العالم الحر من جهة، والمنظومة العسكرية الشرقية السابقة من جهةٍ ثانية.
هل يمتلك “الحزب” أسلحة خفيفة ومتوسطة لا يمتلكها الجيش؟، الجواب لا، لأن الجيش يمتلك الكثير منها، ويتلقى مساعدات دورية من أقوى الجيوش في العالم. هل يمتلك “الحزب” سلاح طيران؟، الجواب لا، بينما يمتلك الجيش مئات الطائرات المروحية ومنها المزوّد بأسلحة متوسطة وثقيلة، صحيح أن معظمها متوسط أو قديم العهد، ولكن يبقى أحدث عهداً من المروحية التي سقطت بالرئيس الإيراني الراحل.
هل يمتلك “الحزب” زوارق وطرّادات بحرية؟، الجواب لا، بينما يمتلك الجيش العشرات منها. هل يمتلك “الحزب”خبرة إدارية وقتالية وتنظيمية عمرها أكثر من 100 سنة؟، الجواب لا، بينما الجيش يمتلكها، كونه اُنشىء قبل أكثر من 100 سنة مستلهماً تنظيمه وإدارته وطريقة عمله من أهم المعاهد في العالم، وخصوصاً الجيش الفرنسي وقتها.
هل يمتلك “الحزب” وسائل اتصالات أهم من الجيش؟، الجواب لا، وخصوصاً بعدما تخلّى عن كل وسائل الاتصالات المتطورة وعاد إلى “مرسال المراسيل” والحمام الزاجل، وإشعال النار فوق التلال، وصولاً إلى حمل الهاتف الأرضي مع شريطه إلى الحفرة والتنقل به على الجبهة، على سبيل النكتة.
هل يمتلك “الحزب” جهاز مخابرات أقوى من الجيش؟، الجواب لا، والدليل الاختراقات الأمنية الكبيرة التي تعرّض لها بداخله، فيما الأجهزة الأمنية الرسمية للجيش وسواه، تمكّنت من كشف عشرات شبكات التجسس الاسرائيلية ضمن نطاق عملها، وما هو مسموح لها التعاطي به خارج إطار هيكلية “الحزب”.
هل يمتلك “الحزب” مقرات سرية تجعله يتفوق في هذا الجانب على الجيش؟، الجواب لا، لأن الوقائع أثبتت ان الاسرائيلي يعرف كل شاردة وواردة، ولا شيء سرّي أو خفيّ لديه بخصوص مقرات “الحزب” أو هيكليته أو مخازنه، بل على العكس تماماً، فالتطورات أثبتت أيضاً أن المقرات والمواقع العلنية للجيش تحمي المدنيين من الاستهداف، فيما المواقع السرية المفترضة للحزب تسبَّبت بقتل المدنيين وتدمير أبنيتهم وتشريدهم. (يُتبع)