“لبنان مع جعجع”

حجم الخط

جعجع

“لبنان مع جعجع“، غنّاها أطفال كشافة الحرية في معراب ليلة الميلاد. عبارة يقول عنها السلبيون: “إن قائليها خضعوا للتدرب قبل غنائها”. أما المستمع الإيجابي فسيتنبه إلى مصادفة لا يلحظها إلا أصحاب النفوس النقية الخالية من العقد. صدرت الأغنية الأصل عام 2001، سمعها جميع اللبنانيين ولعقدين ويزيد. لكن لم يغنها أحد كما غناها أطفال الحرية، فلم؟!

يملك الأطفال أحلامهم التي لا تُقتل بسهولة. لا بل إن قتل أحلام الطفل يحتاج إلى سنوات من القمع والحرمان وإلى حروب ونزوح وجوع وتشرد وموت. تصبح أحلامه بما حصل رغيف خبز، ومشاعر حب وإشفاق، وحبة دواء، ومأوى، ومكانًا أمنًا، ونجاة من الموت.

كان يمكن أن يكون أطفال كشافة الحرية كأطفال سوريا الأسد، وكأطفال الجنوب والضاحية. كان يمكن أن يكونوا من ذوي الأحلام البسيطة، تلك التي ينبغي أن يحقّقها أب أو أم، أو دار أيتام، أو جمعية محسنة.

إلا أنهم في ليلة الميلاد صعدوا إلى معراب يحلمون بوطن الـ10452 كم²، بالسيادة، وبدولة عرفوا من أين تنطلق.

فلم غنوا: “لبنان مع جعجع”؟!

 

لقد آمن أولئك الأطفال بأن لبنان الذي يليق بطفولتهم قابل للتحقّق مع جعجع.

جعجع الذي رأوه يقيم مهرجانات الأرز.

جعجع الذي رأوه يبني مشاف ومدارس.

جعجع الذي رآوه يعقد القداديس التي تكرم أجدادهم الشهداء وكل عام.

جعجع الذي رآوه يقيم المنابر الثقافية والفنية.

جعجع الذي يخاطب اللبنانيين بلسان رجل الدولة الحقيقي سواء بشكل مباشر أو عبر المقابلات.

جعجع الذي يغني مثلهم، ويدبك ويرقص ويضحك ويتحدث مثلهم.

جعجع الذي رآوه يجعل من بيته بيتًا للبنانيين، ويستقبل فيه قادة الدول والعالم.

جعجع الذي خرج من السجن ليدخل البرلمان بكتلة نيابية ستحقّق أحلامهم.

وهم حتمًا سمعوا قصّة سجنه، وقبلها قصة تخليه عن الجامعة ليدافع عن أرضه وأهله.

وهم حتمًا أجرت عقولهم البريئة مقارنات بين من ثبت وبين من هرب في الصعاب، وبين من عمّر وبين من دمّر وفي أكثر من حرب.

وبين من هجّر شعبه، وقال: اللي مش معاجبه يفل، وببن من دعا المغتربين إلى العودة لبناء لبنان.

نعم كانت احتفالية منظمة، ومعدّة. لكنها لم تكن متصنعة متكلفة، ولم تكن مؤدلجة.

إذ لم يتكلّف سمير جعجع الضحك عند سماع الأطفال يغنون. بل أتى رد فعله عفويًا. ضحك بوجه يخالطه الحب والحياء.

ولم يتكلف الأطفال الغناء، بل أتى غناؤهم عفويًا، يشبه عفويتهم وبراءتهم، فقد غنوا من جلوسهم في مقاعدهم، بعضهم كان يؤرجح قدميه اللتين لا تطالان الأرض من جلوسه، وبعضهم غنى راقصًا.

أراد أطفال الحرية أن يطالبوا جعجع بلبنان الذي وعدهم به، وأن يخبروا العالم أنهم يتفاءلون بهذا اللبنان.

أرادوا أن يخبروا الدنيا أن لبنان الطفولة والأحلام والمستقبل ينبعث من معراب، لا من الملاجئ والسراديب.

وسواء أكانت تلك العبارة من إبداع الأطفال، أو من إبداع قادة الكشافة، فإنها تنم عن وعي وطني يؤكّد أن الطفولة في أوّل سلم أولويات صناع الحياة. وأن طفولة اليوم استثمار الغد.

فشكرًا لأطفال غنوا الوطن باختصار مكثف وعن غالبية اللبنانيين، وشكرًا لكشافة تعرف كيف تجعل الميلاد ميلاد طفولة وفرح ووطن. وشكرًا لمن نبهنا إلى أن لبنان فعلًا مع جعجع.​

 

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل