جمعية Brain Beirut: لأشرفية أفضل وأجمل

حجم الخط

لا يمكن لزائر الأشرفية إلا أن يلاحظ التحسن الذي طرأ على هذه المنطقة، بعد أن خلعت عنها ثوب الحزن المليء بالدمار والتشوّهات الذي خلّفه انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لتعود وتصبح عروسًا بتوقيع جمعية “Brain Beirut” التي تأسست عام 2022 لتأمين ما افتقدته المنطقة في ظل غياب دور الدولة وانعدام تأمينها لأدنى متطلبات الحياة الكريمة والسلامة العامة.

تختلف الأشرفية التي فتحت أبوابها للحياة والجمال عن سائر المناطق اللبنانية، بأزقتها وشوارعها وأرصفتها وجدرانها. “الأشرفية ست الكل، وهي عاصمة العاصمة بيروت، ويجب أن تلبس أجمل ثيابها”، يقول سعيد حديفة رئيس جمعية Brain Beirut. ويشرح: “تمثل الجمعية منارة للأمل والتقدم في قلب لبنان. وبفضل التزامها العميق بتعزيز النسيج الاجتماعي لمجتمعاتنا تقوم الجمعية بمشاريع بالغة الأهمية تهدف إلى إنارة الشوارع، وضمان الصيانة القوية لطرقنا السريعة، وإثراء المشهد البيئي والرياضي والفني، وتعزيز الشعور بالأمان والتواصل والانتماء وتمكين السكان”.

تتألف الجمعية من 15 شخصًا من سياسيين وشخصيات اجتماعية ومثقفين وجميعهم من أبناء الأشرفية، لكن التعاطي في السياسة يبقى خارج أسوار الجمعية. ويساهم البعض بتأمين التمويل المادي على عاتقه الشخصي وبالتعاون مع النائب جهاد بقرادوني وعدد من المتمولين والمؤسسات الراعية، وإعداد الدراسة حول جدوى المشروع، ويتولّى البعض الآخر وضع خطط وأفكار بهدف تحسين نوعية الحياة في الأشرفية التي لم تتعاف بعد بشكل كامل من انفجار المرفأ، وتبلغ كلفة ما تم تنفيذه من مشاريع إنمائية فيها لغاية اليوم حوالى الـ490 ألف دولار أميركي.

ولأن الأمان هو عصب حياة المجتمعات والحياة الاقتصادية، وبسبب غياب خدمات الدولة في هذا الإطار منذ أعوام طويلة، كانت إضاءة شوارع الأشرفية من أولى المشاريع التي اهتمت بها الجمعية، التي أضاءت 1500 عمود كهرباء من أصل 2200 عامودًا في المنطقة عبر المولدات الكهربائية 24/24 على مدار أيام الأسبوع. “هذا المشروع الذي كان حلمًا بالنسبة إلينا أصبح اليوم حقيقة وتم تنفيذه بسرعة قياسية، وبالتالي أصبحت الأشرفية مضاءة ليلاً بنسبة 95 في المئة، بهدف تفادي حوادث السير، إضافة الى إعادة تأهيل كاميرات المراقبة التابعة لقوى الأمن الداخلي بعد وصلها بالطاقة الكهربائية”.

ويتابع حديفة: “لا نستطيع الانتظار حتى تتحمّل البلدية مسؤولياتها، لأن هذا الأمر سيكون مضيعة للوقت، في ظل دولة مفلسة لا يمكنها القيام بأي من المشاريع الإنمائية.  لذا نحن نقوم بالعمل التخطيطي الأساسي الذي يقع على عاتقها، وهنا لا بد من الإشارة والتنويه الى التسهيلات التي يقدمها محافظ بيروت القاضي مروان عبود، كما سمح لنا رئيس بلدية بيروت عبدالله درويش بتنفيذ الأشغال العامة”.

الى جانب مشروع الإضاءة قامت الجمعية بتجميل مداخل المنطقة، مدخل الدكوانة – الأشرفية، مدخل أوتيل ديو، مدخل الرينغ، مدخل جسر الفيات، ومدخل السوديكو وتزيينها بلوحات كُتب عليها I love Achrafieh التي تضيء الأشرفية وتساعد على التواصل، بحسب حديفة. كما تم تنظيف الأرصفة بأكملها وطلاء جوانب الطرقات باللونين الأصفر والأسود المعتمدين عالميًا للسلامة العامة، وإزالة الرسوم عن الجدران، وتحسين وضع الجسور لناحية الحديد الملتوي الذي كان يشكّل تهديداً للسلامة العامة، وتركيب عاكسات للضوء وأجهزة إنذار للتنبيه من السرعة، وCat eyes للتخفيف من حوادث السير.

كما قامت الجمعية بورشة تنظيف الأرصفة من الأعشاب اليابسة، التي كانت تهدد المنطقة بالحرائق، وتشحيل الأشجار التي مضى عليها أعوام من دون أي عناية، وإقامة نقاط تجميلية وتشجيعية للحفاظ على البيئة الخضراء، بالإضافة الى تنظيف البؤر الخاصة المهملة من أصحابها الذين هاجروا الى الخارج وتحولت الى مكب للنفايات، وتركيب حاويات حديثة للنفايات في المنطقة للمحافظة على البيئة وحمايتها من الأمطار والشمس تفاديًا للروائح الكريهة ونقل الجراثيم، وتنظيف الأرصفة من مخلفات باطون ورش البناء، وتأهيل الحديقة المؤدية إلى مجمّع ABC المقتبسة فكرتها من حديقة باريسية.

ويختم حديفة: “المشكلة في عملية إنماء المناطق هي غياب الإدارة السليمة للأموال، فهل يعقل على سبيل المثال لا الحصر تشييد شجرة ميلاد بكلفة مليون دولار، كما حصل في عيد الميلاد في وسط بيروت، فيما الشوارع غارقة في العتمة وتفتقد الى أدنى مقومات السلامة العامة؟ هذا عدا عن عمليات إنفاق وهدر الأموال على دراسات تبقى في الأدراج كتلك المتعلّقة بتركيب الطاقة الشمسية على سبيل المثال”.

أثبتت تجربة جمعية Brain Beirut في أن تكون قوة محورية في مشاريع تحسين المناطق من خلال اتخاذ مبادرات لا تعالج الاحتياجات الفورية فحسب، بل تصنع أيضًا الإنماء على المدى الطويل من خلال اعتماد اللامركزية الإدارية، والتعاون مع الجمعيات والقطاع الخاص.

 

كتبت غرازييلا قخري في “المسيرة” ـ العدد 1760​


أقرأ أيضًا

 

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل