بحسب “الحزب”: وزراء الثنائي “عملاء محتملون”

حجم الخط

ما سمعناه ورأيناه بعد لحظات من صدور المراسيم الثلاثة لقبول الاستقالة والتكليف والتشكيل في 8 شباط 2025، سبق أن سمعناه ورأيناه مع فوارق جوهرية واستراتيجية، بعد لحظات من صدور مراسيم تشكيلة حكومة حسان دياب في 21 كانون الثاني 2020. فقد تحدث يومها القيّمون على تنصيب حسان دياب وزيرًا للتربية  في حكومة انقلاب القمصان السود التي ترأسها نجيب ميقاتي في العام 2011، عن 12 وزيرًا يحملون الجنسية الأميركية، وسوّق القيمون يومها بان حكومة “الحزب” تضم ست نساء وزيرات.

هذا في الشكل، أما في الجوهر والاستراتيجيا، فقد كان حزب الدويلة في العام 2020، بسلاحه، ساطيًا متسلطًا ممسكًا بمفاصل الدولة وبأكثرية نيابية وحكومية بشراكة ممانعة – عونية، وبرئاسة ميشال عون، وأراد من دياب ووزرائه الأميركيين والوزيرات، أن يكونوا مطية وجسرًا، فكًّا للحصار وتعزيزًا لقوة الدويلة على حساب الدولة ولسيطرة سلاح “الحزب” على حساب دور الجيش اللبناني.

ربّ معتقد بأن “الحزب” الديني الاسلامي الملتزم لا يمكن أن يحيد عن ثبات عقيدته أو مبدئيته في مقارباته السياسية والتي عبّر عنها منذ وثيقته التأسيسية وحتى تبرير شبه انخراطه في حكومة نواف سلام… هذه المبدئية خُرقَت في حكومة دياب ذات الـ12 وزيرًا من حاملي جوازات أميركية كما “مُزِّقَت” في تسمية أو قبول الثنائي أمل ـ الحزب بأربعة من أصل خمسة من وزرائه من حاملي جنسية “الشيطان الأكبر” الأميركي. مع الفارق الجوهري الاستراتيجي الحيوي الوجودي المتمثل بفقدان “الحزب” لسيطرته على الحكومة عبر خسارته السياسية بعد العسكرية، والتي تُرجمت سقوطًا لمفاعيل الدوحة المتأتية من 7 أيار وسقوط وهجه مع سقوط الثلث المعطل له أو لحلفائه المغيبين عن حكومة سلام، كما في سقوط الفيتو عن حصول “القوات اللبنانية” على حصة وازنة في الحكومة وعن حيازتها لحقيبة سيادية، وخير معبّر عن سقوط هذا الفيتو هو كلام المفتي الجعفري الممتاز في 9 شباط 2025: “نحن بحالة ارتياح لوجود القوات اللبنانية في هذه الحكومة”. وهكذا دخل الثنائي حكومة سلام ذات العشرين وزيرًا سياديًا على الأقل،  منزوعًا من سلاح التهديد بالميثاقية والتعطيل.

لقد سبق لـ”الحزب” أن مزّق مانيفست تحريماته وممنوعاته مرغمًا لا بطلًا براغماتيًا عمليًا لا مبدئيًا عقائديًا. فـ”الحزب” الذي ضغط لانتخاب ميشال عون وايصاله عبر “بندقيته” هو نفسه من قال عنه في 24 آذار 1989 النائب الذي انتخبه لاحقًا  حسين الموسوي: “إننا نرفض ظلم أميركا وإسرائيل والعملاء أمثال عون الذي فجر حربًا ضد المسلمين بالتنسيق مع صدام وعرفات والصهاينة والأميركيين، ليخرجوا سوريا ويستفردوا بالمسلمين المجاهدين ويفرضوا عون أو غيره رئيسًا للبنان معاديًا للأمة ومواليًا لإسرائيل”.

“الحزب” الذي انتخب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية إنما انتخب قائد الجيش “الأميركي” مرغمًا لا بطلًا، على ما سبق للأمينين العامين الراحلين السلف والخليفة، أن كشفاه، إذ يقول السيد هاشم صفي الدين في 3 تشرين الأول 2021: “إن الأميركيين يؤثرون في لبنان أمنيًا وسياسيًا وماليًا واقتصاديًا، وهم أقوياء في الدولة اللبنانية، ولديهم الكثير داخلها، ولكن نحن حتى الآن لم نخض معركة إخراج الولايات المتحدة الأميركية من أجهزة الدولة، ولكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة، سيشاهد اللبنانيون شيئًا آخر”… ليكمل كشف “الحزب” لتدرجه الانحداري أمام الأميركيين بقول نصرالله  في 8 شباط 2022: “لا يوجد قواعد عسكرية أميركية في لبنان لكن لديهم حضور في المؤسسة العسكرية وهناك ضباط أميركيون في اليرزة، لا أعلم الى أي حد يتدخلون في الشؤون اللبنانية، والسفيرة الأميركية لا تتعزل من هناك ولازقة بالجيش”.

وإذ بحكومة نواف سلام ذات الأكثرية السيادية، تتشكل مع “حبات الكرز” الأربع ياسين جابر، محمد حيدر، ركان ناصر الدين وفادي مكي  “حاملي جواز سفر أميركي”، بعد أقل من 24 ساعة على كلام نائبة الموفد الأميركي للشرق الأوسط مورغان اورتاغوس، وبعد خمسة عشر عامًا على قول النائب نواف الموسوي السابق في 2 آذار 2010 في اتصال مع فرانس برس: “يحق لكل مواطن عربي أن ينظر الى كل حامل جواز سفر أجنبي على أنه عميل محتمل، على الأجهزة الأمنية اللبنانية أن تتشدد في التعامل مع كل حامل جواز سفر أجنبي في مطار بيروت الدولي وفي غيره من الأماكن”.

وكأني بالثنائي الشيعي وبـ”الحزب” يستجدي رضا ومدحًا من الشيطان الأكبر، كانا حتى الأمس القريب، “احتمالًا” واتهامًا بالعمالة التي تحدث عنها النائب الموسوي، إذ يشرح نصرالله تسويق الثنائي لوزرائه لدى “الأميركان” نيلًا للرضى واستجداءً للمدح في 25 ايار 2011 بقوله: “هناك ناس عندما تمدحهم أميركا وإسرائيل يفرحون أو يطمئنون… لو إن أوباما مدحنا أو نتنياهو مدحنا، كان يجب أن نعقد اجتماعًا طارئًا على مستوى كل الهيئات القيادية في “الحزب” ونجلس ونقول “يا إخوان نحن أين أخطأنا وما هي قصتنا، ماذا نحن فاعلون”، ونعيد النظر بأنفسنا… ولمّا الشيطان يمدحك يجب أن تخاف”.

وبين الخشية من مدح الشيطان واتهامات حاملي الجوازات الأجنبية بالعملاء، تغيّرت الأحوال وتبدّلت بغمضة عين، وتظهّرت مرة جديدة سياسة “نفعل عكس ما نقول”، حتى يصبح الفول بالمكيول.

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل