رصد فريق موقع “القوات”
حدثان مهمان ينتظران لبنان، الأول عزوف رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية عموماً ولدى الطائفة السنّية خصوصاً، أما الحدث الثاني يتمثّل في الموازنة التي أعدتها الحكومة، والتي تشبه الموازنات السابقة، والأهم أن وزارة الطاقة وعلى الرغم من الانهيار الاقتصادي والافلاس الذي يعانيه لبنان، لم تشبع بعد من هدر أموال الخزينة تحت عنوان “السلفة”.
وفي انتظار الموقف النهائي للحريري يوم الاثنين، كشف مصدر مواكب للمشاورات التي باشرها الحريري فور عودته أول من أمس إلى بيروت قادماً من أبوظبي عن أنه يميل إلى العزوف عن خوض الانتخابات النيابية، وقال لـ«الشرق الأوسط» بأن خوضه لها ليس مُدرجاً على جدول أعماله ترشحاً أو من خلال دعمه للوائح انتخابية تضم مرشحين عن «المستقبل» أو آخرين يدورون في فلك التيار الأزرق.
ولفت المصدر المواكب إلى أن الحريري أوشك على اتخاذ قراره بعدم التدخل في الانتخابات النيابية، ولا من خلال مرشحين مستقلين، وقال إنه يترك للنواب الحاليين الأعضاء في كتلته النيابية والمنتمين للتيار الأزرق الحرية في اتخاذ القرار المناسب ترشحاً أو عزوفاً عن خوض الانتخابات، إنما على مسؤولياتهم الشخصية.
وأكد أن الحريري باقٍ حالياً في بيروت بين محازبيه وجمهوره الموجود على مساحة الوطن، وقال إنه هو من يقرر توسيع مشاوراته لتشمل قيادات وأطرافاً أخرى، مع أن ميله للعزوف عن خوض الانتخابات، وقبل أن يُعلن موقفه شخصياً في الأسبوع المقبل، أدى إلى إحداث حالة من الإرباك تجاوزت جمهوره إلى المكونات السياسية الرئيسة بالبلد، لأنه بقراره سيؤدي إلى إعادة خلط الأوراق الانتخابية تحالفاً وترشحاً.
وعلى صعيد الموازنة، نسبة عجز لا تقل عن 20.8٪، إذا اشتملت نسخة الموازنة للعام 2022 على ايرادات متوقعة قيمتها 39.5 تريليون ليرة، انفاق متوقع بقيمة 49،42 تريليون ليرة. فتكون قيمة العجز 15 ألف مليار ليرة.
ومع ان نص المشروع تحدث عن سعر صرف لاعتبارات تشغيلية، فإن سعر الصرف سيتراوح بين 15 و20 ألف ليرة.. وهذ يعني ان سعر الصرف لن يقل عن 15 ألف ليرة وربما يتجاوز الـ20 ألف، تبعاً للعوامل الضاغطة على الاستقرار النقدي.
ولا تزال مؤسسة كهرباء لبنان في صميم دعم الحكومة، عبر سلف لشراء مادة الفيول لتوفير الكهرباء، فالمادة 13: إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل بحد أقصى 525 مليار ليرة لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد فوائد واقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، مشترطاً انه لا يجوز مؤسسة الكهرباء، وعلى مسؤولياتها ان تستعمل السلفة أو أي جزء منها في غير الغاية التي أعطيت من أجلها.
كما أن مشروع موازنة 2022 تضمّن خفضاً في التقديمات التقاعدية لورثة المتقاعد وتصعيب شروط الاستفادة، وفتحت المجال أمام الاستقالات من القطاع العام، وحدّدت عديد العمداء في القوى الأمنية بـ120 عميداً، ولم تمنح موظفي القطاع العام تصحيحاً للأجور والرواتب يحتسب ضمن تعويضاتهم، بل منحتهم مساعدة اجتماعية هزيلة جداً تساوي راتب شهر لمدة سنة، ومنحت المتقاعدين مساعدة أقلّ قيمة ونسبتها 50% من الراتب التقاعدي.
وفي السياق، تقول مصادر سياسية معارضة لموقع القوات اللبنانية الالكتروني، إن القاء نظرة سريعة على البنود الستة والخمسين، يُظهر ان معظمها لا يمسّ هموم الناس وهواجسهم اليومية ولا يتضمّن ما يمكن ان يساهم في التخفيف من المعاناة التي يقاسون من جراء الغلاء الفاحش في اسعار المحروقات والدواء والخبز والطحين ومن جراء التقنين الكهربائي القاسي والتقلبات في سعر الدولار. صحيح ان هذه الامور لا يمكن حلّها دفعة واحدة، وانها تخضع لنقاشات جانبية بين اهل الاختصاص، غير ان لحظَ الجدول اعطاءَ بدلات ومساعدات لموظفي القطاع العام مثلاً، يُعتبر حلّاً ترقيعياً لا اكثر اذا استمر فلتان الاسعار، خصوصاً ان الزيادات الموعودة أكلها الغلاءُ قبل ان تصل الى جيوب الناس. حتى ان هذه المساعدات لا تشمل كل فئات القطاع العام، بدليل ان رابطة المتفرغين في اللبنانية دعت امس الى إضافة بنود الاتفاق مع وزير التربية الى جدول أعمال جلسة الحكومة، كما ان رئيس اتحادات قطاع النقل البري في لبنان بسام طليس لوح بالتصعيد قائلاً “مرة جديدة تثبت الحكومة انها بعيدة عن التزاماتها”.
هذا في البنود المعيشية المُفترضة. اما في الموازنة، فإن المصادر تشير الى ان النقاشات في شأنها لن تكون سهلة البتة. فمن حيث الجوّ السياسي قبل “التقني”، لا يزال الخلاف بين الفريق الرئاسي وحركة امل، الذي وضع وزيرُها يوسف خليل مشروعَ الموازنة، جمراً تحت الرماد، اي انه هدأ لكنه لم يُفضّ بعد. اما من حيث مضمون الموازنة، فإنها تحتوي بنوداً خلافية لا يتفق عليها اهل البيت الحكومي الواحد. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقترح خليل إلزام المصارف بتسديد الودائع الجديدة بعملتها، ما يعني عدم إلزامها بتسديد الودائع القديمة بنفس العملة، وفرضَ توطين الرواتب في القطاع الخاص في المصارف.
في الموازاة، أعفت الموازنة كل ما يُصنّف في خانة رأس المال، من الضرائب.. ووفق المصادر، حماية المصارف والمتموّلين والشركات الكبرى، لن يمر مرور الكرام على الطاولة الحكومية، بل سيكون محط مزايدات خاصة من قبل التيار الوطني الحر الذي يحمل اليوم لواء اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعدما طرح رئيس الجمهورية ميشال عون العام 2017، من خارج جدول اعمال مجلس الوزراء، التجديد له.
ولم تمنح الموازنة موظفي القطاع العام تصحيحاً للأجور والرواتب يُحتسب ضمن تعويضاتهم، بل منحتهم مساعدة اجتماعية تساوي راتب شهر لمدة سنة، ومنحت الفئات الأكثر هشاشة، أي المتقاعدين، مساعدة أقلّ قيمة ونسبتها 50% من الراتب التقاعدي. كما تم رفع ضريبة الدخل على الرواتب والأجور، وفرضُ رسم لمدة 7 سنوات بمعدل 10% على السلع المستوردة التي يصنع منها في لبنان ما يكفي لتغطية السوق المحلية، اضافة الى زيادة رسوم خروج المسافرين وفرضها بالدولار بين 35 دولاراً و100 دولار، وفرضُ رسم 3% على السلع المستوردة كافةً لمدة 10 سنوات، وفرض رسم جمركي 10% على السلع المستوردة كافةً إذا كان يصنع مثيل لها في لبنان، وتعديل وزيادة رسوم المرافئ والمطارات… لقراءة المقال اضغط على هذا الرابط: خاص ـ مجلس وزراء غائب عن هموم الناس.. والموازنة في مهب المزايدات الانتخابية
اقرأ ايضاً في موقع “القوات”: