دير الأحمر.. هي من يقال إن أصل تسميتها كان بذاك الدير المرتدي وشاح الشهادة الأحمر. تاريخيًا، شهدت المنطقة الواقعة بين أبراج بعلبك شرقًا وسفح المكمل غربًا الكثير من المطبات والمراحل المتتابعة وصولاً إلى الثبات “الماروني” الأخير في هذه الأرض، إذ إن التاريخ والزمن شاءا أن تكون أرض الدير بالفعل والحقيقة ديرًا للقداسة والصلاة، فباتت بيوتها التي شرّعت أبوابها بالضيافة والكرم للوافدين إليها في ظهورات سيدة بشوات العجائبية العام 2004، تبتهج اليوم ببيوت الصلاة والقداسة التي اجتمعت في “أكبر مسبحة” مشعّة في العالم لتكرّس الدير من جديد لملحمة القداسة.
لا شك أن منطقة دير الأحمر البقاعية تشهد ثورة سياحية على المستويات كافة، إذ تشكل بذاتها منصة سياحة لبنانية بنكهتها القروية الطبيعية. فلهذه المنطقة جمالٌ خاص اتّسم بالصورة الجامعة للسهول والجبال، وبالتراب الأحمر الذي شرّع نفسه سياجًا منيعًا للسياحة الدينية في المنطقة.
في هذا السياق، يشير رئيس اتحاد بلديات دير الأحمر الأستاذ جان فخري، في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، إلى أنه “من خلال المشروع الذي تم تنفيذه خلال الأربع سنوات المنصرمة بالتعاون مع الـUSAID، تم العمل بشكل مباشر على مستوى السياحة، خصوصًا أننا نملك الكثير من الطاقات انطلاقًا من السياحة الأثرية والبيئية والزراعية، إنما تبقى الأولوية للسياحة الدينية بحكم طبيعة المنطقة وحضور مزار سيدة بشوات العالمي ومسبحة الوردية (الأكبر في العالم) وكنيسة سيدة البرج”.
يضيف: “قمنا بتأسيس أول جمعية في لبنان تعنى بالتطوير السياحي بدعم من الـUSAID، وقد وقَّعتُ بروتوكولاً مع وزارة السياحة للتعاون بهذا الخصوص، وتمّ إدراج منطقة دير الأحمر من خلال معالمها المتمثلة بمسبحة دير الأحمر ومزار سيدة بشوات العجائبي ودرب الصليب الممتدة من كنيسة سيدة البرج الأثرية إلى تلة الصليب، على لائحة خريطة السياحة اللبنانية والعالمية”.
فخري يلفت، إلى أننا “في طور المتابعة وتكثيف الجهود لاستقطاب المجموعات والسياح إلى دير الأحمر، خصوصًا على مستوى السياحة الدينية. وعلى الرغم من كل الظروف التي يعيشها لبنان، فلا تزال وفود السياح تزور المنطقة، خصوصًا أن أجواءها لا تزال قائمة هذا الصيف ولا يزال هناك استقطاب للمجتمع المحلي والتدفق السياحي، إذ إن صيف المنطقة حافلٌ بالمهرجانات، كذلك الأمر بالنسبة لبيوت الضيافة التي تعمل وتستقبل الزوار والوافدين”.
من جهة أخرى، أوضحت جمعية “الحماية والخلاص” المشرفة على مشروع مسبحة دير الأحمر، في حديث لموقعنا، أن المشروع قيد الإكمال وهو يشكل عنصرًا أساسيًا وجذابًا في حلقة السياحة الدينية في دير الأحمر، وتمّت إنارة المشروع مؤخرًا ليشكّل صورة بهيّة للمسبحة من أرض دير الأحمر وتظهر بشكلها الكامل من الجو كما هي في الصور المرفقة.
كذلك، يشير النائب الأسقفي للشؤون الرسولية في أبرشية بعلبك دير الأحمر المارونية الخوري طوني رحمة، إلى أن “المسبحة تشكل جزءًا من الخط السياحي الديني الذي يبدأ بكنيسة سيدة البرج الأثرية وصولاً لمراحل درب الصليب وسيدة دير الأحمر، مرورًا بأكبر مسبحة في العالم ودير الوردية وصولاً لمركز الحج مزار سيدة بشوات العجائبي، فيشكل هذا الخط خريطة للسياحة الدينية في منطقة دير الأحمر”.
كما يضيف رحمة، من وجهة نظره الشخصية، أن “موقع المسبحة لم يأتِ صدفة، فالزائر سيصل إلى المحبسة ليغتسل بالتأمل والصلاة من خلال العبور داخل الحبّات المصلية، وصولاً إلى بشوات ليدخل إلى المقام والمشاركة في الحج والذبيحة. فكما أن موقع المسبحة له أهميته الجغرافية، فهي كذلك ذات موقع روحي كبير”.
تبقى السياحة في دير الأحمر ثورة بذاتها، مع ما يتدفق من هذه المنطقة من ثقافة وتاريخ وتراث وقداسة. فكما كانت بيوت المنطقة مشرّعة دائمًا كرمًا لاستقبال الزوار، كذلك اليوم دير الأحمر بوجهها السياحي تشرّع أبوابها فرحًا بما تحتويه هذه الأرض من قداسة وتاريخ.