“الحزب” المنفتح محاضرًا عن “نبذ التعصب”

حجم الخط

الحزب ـ لبنان

انه المضحكُ المبكي بكاء حتى الإضحاك، تلك العبارة التي يكررها اليوم كل من قرأ في منشورات الممانعين وعلى رأسهم “الحزب“، ممسك الإدارة وصاحب الريادة والإرادة بالنشر والتعميم والتعتيم، على ما تحتويه من مخالفات وتخلفات، عن اللحاق بركب الحق والحقيقة، إضافة الى كمية التناقضات بين الادعاء بالشيء وممارسة عكسه ونقيضه.

لن تكون آخر تجسدات تلك العبارة اللفظية ما زعمه نصرالله، الرائد “في العلمانية” والديمقراطية والدفاع عن الحريات الفكرية والسياسية والدينية والثقافية، بقوله في محطتين في 9 تموز 2024 عن “أن التعصب للأحزاب والعائلات والطوائف مشكلة في لبنان”، وما اعتبره بعد يومين في 11 تموز، أن “ثقافة الحياة الحقيقية هي في “المقاومة” التي مارسها حزبه المسلح وما زال يمارسها في مختلف الميادين والاتجاهات، وما كان قد سبق هذين الادعاءين من قول لنائب أمين عام “الحزب” الشيخ نعيم قاسم في 26 شباط 2016، أن “لبنان بلد الحريات”، وفي 13 آذار 2018 عن “ان الحزب مسؤول عن نهضة لبنان”.

ولضرورة البحث وتسليمًا للجدل حول ادعاء منتحل صفة “محاربة التعصب” و”اعتناق ثقافة الحياة”، من المفيد الإشارة الى تعريف التعصب على “أنه شعور داخلي يجعل الإنسان يتشدد فيرى نفسه دائمًا على حق، ويرى الآخر على باطل بلا حجة أو برهان. ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف متزمتة ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته”.

ولتبيان أن ما وصم “الحزب” به خصومه وأعداءه من اتهامات وأسقطه عليهم من اسقاطات، هي في الحقيقة موجودة ومتأصلة فيه حتى النخاع، وما زعمه من نبذ للتطرف والعصبيات الطائفية العشائرية، إنما هو تسعير وتأجيج لها في كل محطة ويوم وساعة ودقيقة من تاريخ وحاضر ومستقبل “الحزب” حتى قيامة الساعة.

من الناجع من حيث المبدأ والإيمان قبل الولوج الى ممارسات “الحزب” في نبذ التعصب والتطرف وفي عشقه للانفتاح والحياة، أن نعرّج على عقيدة “الحزب” الدينية المذهبية المستقاة من تعاليم وتوجيهات وأوامر مرشد الثورة الإسلامية في إيران وفتاويه وتحريماته وفروضه، وهي في حدّ ذاتها جواب مدوّ، مسقطة للمزاعم الواردة أعلاه.

أما في الوقائع فنقع على نماذج كثيرة بمثابة أجوبة شافية على المضحك المبكي الذي ادعاه “الحزب” وأمينه العام وما يزعمه الممانعون الملحقون وغيرهم من الملتحقين.

نتذكر من هذه النماذج ما توجه به نصرالله الى بيئته “الضيقة” الطائفية المذهبية بعصبية تعصبية، في مهرجان الانتصار في 15 آب 2006، مميّزًا مفضلًا أبناء هذه البيئة على بقية خلق الله من اللبنانيين بقوله: “يا أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس”، ليكرر مؤكدًا على هذه اللازمة من التعصب الطائفي الحزبي في 11 كانون الأول 2017.

إظهارًا لهذا الشعور بالتعصّب “بممارسات ومواقف متزمتة ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته”، دخل عناصر من الانضباط في “الحزب” الى ملهى “Tabou” في مبنى العازارية المقابل لكنيسة مار جرجس في وسط بيروت في 18 كانون الأول 2006، واعتدوا على الشباب والشابات في الملهى وطردوهم واقفلوا الملهى بحجة تقديمه الخمور والإساءة للآداب العامة.

والعناصر المذكورة كانت من ضمن “المعتصمين” في ساحة رياض الصلح… كذلك قاطع وزير “الحزب” حسين الحاج حسن، عندما كان وزيرًا للزراعة، مهرجان النبيذ الممتد من 30 أيلول وحتى 4 تشرين الاول 2013، وقام وزير الزراعة بالوكالة حليف الحاج حسن، جبران باسيل برعاية للمهرجان، والسبب أن الخمر حرام… مع الإشارة الى ما قاله جبران باسيل في 16 ايلول 2014، عن إن النبيذ “عنصر مقاومة في وجه الهجمة التكفيرية”. وفي السياق، لا بدّ من الإشارة هنا الى ما نشره أحد المواقع الإلكترونية في 15 أيلول 2018 “أن نائبًا متدينًا كان يهم بمغادرة مجلس النواب، ووصلت سيارته وفتح مرافقه الباب ليصعد، فسقطت زجاجة كحول من سيارته أمام درج مجلس النواب وتحطمت تحت أنظار الجميع، مما أثار هلعه وأصيب بحال من الضياع قبل أن يغادر على عجل.”

كذلك تدخل في السياق نفسه، تصاريح نصرالله وقناعاته التي عبّر عنها في 26 أيلول 2016 عن أن “الاختلاط (الرجال والنساء) هو أكبر خطر يواجه مجتمعنا المتدين في هذا الزمن، وسنعمل على الحد من هذه الظاهرة”، وفي 11 تشرين الأول من العام نفسه، أشار الى أن “الاختلاط يدمّر كما المخدرات تدمّر”، لنتوقف أيضًا عند ما قاله في 4 كانون الثاني 2018: “في الحزب ليس لدينا نساء لوظيفة نائب”.

أمّا في موضوع نبذ التعصب العائلي والعشائري، فتستحضرنا حماية “الحزب” لارتكابات العائلات والعشائر وعصبياتهم وممارساتهم في السرقة والتهريب وإطلاق النار على دوريات الجيش والقوى الأمنية الشرعية وتغطيتهم وإخفائهم في مناطق نفوذه وتهريبهم داخل وخارج الحدود، ليكونوا لاحقًا خزانًا “مقاومًا” شعبيًا يصرّف في صناديق الاقتراع وحسابات “الحزب” السياسية الداخلية والخارجية كما حصل في  استثمار “الجناح العسكري لآل المقداد”، في خطف من اعتبرهم معارضين لنظام بشار الأسد في العام 2012، ونبذًا للتعصب والعصبية العشائرية، يستمر “الحزب” في  استثمارهم واستعمالهم في السيطرة على أملاك الكنيسة والمسيحيين في لاسا، مستندين الى قول نصرالله “السمح المتسامح” عن أن كسروان وجبيل هي أراضي المسلمين وقد جاءها المسيحيون غزاة”.

وتعبيرًا أيضًا عن سماح وتسامح سماحته مع الآخر ولكن هذه المرة “الشيعي المعارض”، كتب في 17 ايلول 2012 كاتب “الحزب” ابراهيم الأمين في افتتاحية “أخباره”، متوعّدًا من أسماهم “شيعة السفارة” ومن ضمنهم “شهيد ثقافة الحياة والنهضة والحريات” و”نبذ التعصب” لقمان سليم: “وجَب على هؤلاء معرفة أنهم تحت النظر، وتحت المتابعة لكل الموبقات التي يقومون بها”، داعيًا مهددًا هؤلاء “أن يتحسسوا رقابهم”.

نبذًا للتعصب أيضًا، ننشر ما وزّع في الضاحية الجنوبية “ذات الأكثرية المسيحية” بعد السيطرة عليها من قَبل “الحزب”:

“ندعو أهلنا الكرام في مناطقنا الإسلامية للتقيّد بالأمور التالية:

مراعاة الحشمة في اللباس (وخاصة النساء) وذلك في حدود المحافظة على الأجواء الإسلامية التي يجب أن تتوفر في مجمتع المسلمين، والتذكّر دائمًا بأننا نعيش في مناطق إسلامية ولسنا في بلاد الكفر والشرك لذا فالمطلوب مراعاة شعور المسلمين في هذه المناطق.

عدم القيام بالحفلات المحرّمة التي تسبب الأذى للآخرين، وضرورة التقيد بعدم رفع أصوات الغناء سواء في المنازل أو السيارات وغيرها.

يمنع اللعب بآلات القمار (كالورق وما شابهه) وإن كان من دون شرط.

يمنع تعاطي الخمور والمخدرات بيعًا وشراءً وشربًا.

يمنع التلفظ بألفاظ الفحش والسباب.

يمنع قيادة السيارات بتهور (لأي كان) حفاظاً على سلامة الآخرين.

ضرورة التقيّد بالأوقات المحددة لإطفاء مولدات الكهرباء.

يعمل بمضمون هذا البيان من حين صدوره، وكل من يخالف سيتعرض للملاحقة والله ولي التوفيق.

لجنة إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

 

سمعنا ففرحنا جرّبنا فحزنّا.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل